الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 58 ] وقيضنا لهم قرناء [25]

                                                                                                                                                                                                                                        عن ابن عباس أن القرناء الشياطين . وهي آية مشكلة فمن الناس من يقول : معنى هذا التحلية للمحنة وقيل : قيضنا لهم قرناء من الشياطين في النار فزينوا لهم أعمالهم في الدنيا . فإن قيل : فكيف يصح هذا والفاء تدل على أن الثاني بعد الأول؟ قيل : يكون المعنى قدرنا عليهم هذا وحكمنا به . ومن أحسن ما قيل في الآية أن المعنى أحوجناهم إلى الإقرار والاقتران فأحوجنا الغني إلى الفقير ليستعين به وأحوجنا الفقير إلى الغني لينال منه ، وكذا الزوجان كل واحد منهما محتاج إلى صاحبه فهذا معنى الاقتران وحاجة بعضهم إلى بعض . قيض الله جل وعز لهم ذلك ليتعاونوا على طاعته فزين بعضهم لبعض المعاصي قال جل وعز (فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم) فيه أقوال : يروى عن ابن عباس ما بين أيديهم التكذيب بالآخرة والبعث والجنة والنار ، وما خلفهم الترغيب في الدنيا والتسويف بالمعاصي وقيل (زينوا لهم ما بين أيديهم) أي ما تقدمهم من المعاصي (وما خلفهم) ما يعمل بعدهم أو بحضرتهم ، وقيل : (ما بين أيديهم) ما هم فيه وما خلفهم ما عزموا أن يعملوه . وهذا من أبينها . وحق عليهم القول وهو أن الله جل وعز يعذب من عمل مثل عملهم في أمم قد خلت من قبلهم أي هم داخلون في أمم قد حق عليهم هذا القول . فهذا قول بين ، وقد قيل : "في" بمعنى مع كما قال :


                                                                                                                                                                                                                                        وهل ينعمن من كان آخر عهده ثلاثين شهرا في ثلاثة أحوال



                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية