الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ذوب ]

                                                          ذوب : الذوب : ضد الجمود . ذاب يذوب ذوبا وذوبانا : نقيض جمد . وأذابه غيره ، وأذبته ، وذوبته ، واستذبته : طلبت منه ذاك ، على عامة ما يدل عليه هذا البناء . والمذوب : ما ذوبت فيه . والذوب : ما ذوبت منه . وذاب إذا سال . وذابت الشمس : اشتد حرها ، قال ذو الرمة :


                                                          إذا ذابت الشمس اتقى صقراتها بأفنان مربوع الصريمة معبل



                                                          وقال الراجز :


                                                          وذاب للشمس لعاب فنزل

                                                          ويقال : هاجرة ذوابة شديدة الحر ، قال الشاعر :


                                                          وظلماء من جرى نوار سريتها     وهاجرة ذوابة لا أقيلها



                                                          والذوب : العسل عامة ، وقيل : هو ما في أبيات النحل من العسل خاصة ، وقيل : هو العسل الذي خلص من شمعه ومومه ، قال المسيب بن علس :


                                                          شركا بماء الذوب تجمعه     في طود أيمن من قرى قسر



                                                          أيمن : موضع . أبو زيد قال : الزبد حين يحصل في البرمة فيطبخ ، فهو الإذوابة ، فإن خلط اللبن بالزبد ، قيل : ارتجن . والإذواب والإذوابة : الزبد يذاب في البرمة ليطبخ سمنا ، فلا يزال ذلك اسمه حتى يحقن في السقاء . وذاب إذا قام على أكمل الذوب ، وهو العسل . ويقال في المثل : ما يدري أيخثر أم يذيب ؟ وذلك عند شدة الأمر ، قال بشر بن أبي خازم :


                                                          وكنتم كذات القدر لم تدر إذ غلت     أتنزلها مذمومة أم تذيبها



                                                          أي : لا تدري أتتركها خاثرة أم تذيبها ؟ وذلك إذا خافت أن يفسد الإذواب . وقال أبو الهيثم : قوله : تذيبها تبقيها ، من قولك : ما ذاب في يدي شيء ، أي : ما بقي . وقال غيره : تذيبها تنهبها . والمذوبة : المغرفة ، عن اللحياني . وذاب عليه المال ، أي : حصل ، وما ذاب في يدي منه خير ، أي : ما حصل . والإذابة : الإغارة . وأذاب علينا بنو فلان ، أي : أغاروا ، وفي حديث قس :


                                                          أذوب الليالي أو يجيب صداكما

                                                          أي : أنتظر في مرور الليالي وذهابها ، من الإذابة الإغارة . والإذابة : النهبة ، اسم لا مصدر ، واستشهد الجوهري هنا ببيت بشر بن أبي خازم ، وشرح قوله :


                                                          أتنزلها مذمومة أم تذيبها

                                                          فقال : أي : تنهبها ، وقال غيره : تثبتها ، من قولهم ذاب لي عليه من الحق كذا ، أي : وجب وثبت . وذاب عليه من الأمر كذا ذوبا : وجب ؛ كما قالوا : جمد وبرد . وقال الأصمعي : هو من ذاب ، نقيض جمد ، وأصل المثل في الزبد .

                                                          وفي حديث عبد الله : فيفرح المرء أن يذوب له الحق ، أي : يجب . وذاب الرجل إذا حمق بعد عقل ، وظهر فيه ذوبة ، أي : حمقة . ويقال : ذابت حدقة فلان إذا سالت . وناقة ذءوب ، أي : سمينة ، وليست في غاية السمن . والذوبان : بقية الوبر ، وقيل : هو الشعر على عنق البعير ومشفره ، وسنذكر ذلك في الذيبان ؛ لأنهما لغتان وعسى أن يكون معاقبة ، فتدخل كل واحدة منهما على صاحبتها .

                                                          وفي الحديث : من أسلم على ذوبة ، أو مأثرة ، فهي له . الذوبة : بقية المال يستذيبها الرجل ، أي : يستبقيها ، والمأثرة : المكرمة . والذاب العيب ، مثل الذام ، والذيم ، والذان .

                                                          وفي حديث ابن الحنفية : أنه كان يذوب أمه ، أي : يضفر ذوائبها ، قال : والقياس يذئب بالهمز ؛ لأن عين الذؤابة همزة ، ولكنه جاء غير مهموز كما جاء الذوائب على خلاف القياس . وفي حديث الغار : فيصبح في ذوبان الناس ، يقال لصعاليك العرب ولصوصها : ذوبان ؛ لأنهم كالذئبان ، وأصل الذوبان بالهمز ، ولكنه خفف [ ص: 51 ] فانقلبت واوا .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية