الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم القسم بالقرآن كناية عن شرف قدره وتعظيمه عند الله تعالى ، وذلك هو المقصود من الآيات الأول من هذه السورة . والمقصود من هذا القسم تأكيد الخبر مع ذلك التنويه .

والقرآن : علم بالغلبة على الكتاب الموحى به إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - من وقت مبعثه إلى وفاته للإعجاز والتشريع ، وقد تقدم في قوله تعالى وما تتلو منه من قرآن في سورة يونس .

والحكيم : يجوز أن يكون بمعنى المحكم بفتح الكاف ، أي المجعول ذا إحكام ، والإحكام : الإتقان بماهية الشيء فيما يراد منه .

ويجوز أن يكون بمعنى صاحب الحكمة ، ووصفه بذلك مجاز عقلي لأنه محتو عليها .

وجملة إنك لمن المرسلين جواب القسم ، وتأكيد هذا الخبر بالقسم وحرف التأكيد ولام الابتداء باعتبار كونه مرادا به التعريض بالمشركين الذين كذبوا [ ص: 346 ] بالرسالة فهو تأنيس للنبيء - صلى الله عليه وسلم - وتعريض بالمشركين ، فالتأكيد بالنسبة إليه زيادة تقرير وبالنسبة للمعنى الكنائي لرد إنكارهم ، والنكت لا تتزاحم .

على صراط مستقيم خبر ثان لـ إن ، أو حال من اسم إن ، والمقصود منه : الإيقاظ إلى عظمة شريعته بعد إثبات أنه مرسل كغيره من الرسل .

و ( على ) للاستعلاء المجازي الذي هو بمعنى التمكن كما تقدم في قوله أولئك على هدى من ربهم في سورة البقرة . وليس الغرض من الإخبار به عن المخاطب إفادة كونه على صراط مستقيم لأن ذلك معلوم حصوله من الأخبار من كونه أحد المرسلين فقد علم أن المراد من المرسلين المرسلون من عند الله ، ولكن الغرض الجمع بين حال الرسول عليه الصلاة والسلام وبين حال دينه ليكون العلم بأن دينه صراط مستقيم علما مستقلا لا ضمنيا .

والصراط المستقيم : الهدى الموصل إلى الفوز في الآخرة ، وهو الدين الذي بعث به النبيء - صلى الله عليه وسلم - ، والخلق الذي لقنه الله ، شبه بطريق مستقيم لا اعوجاج فيه في أنه موثوق به في الإيصال إلى المقصود دون أن يتردد السائر فيه .

فالإسلام فيه الهدى في الحياتين فمتبعه كالسائر في صراط مستقيم لا حيرة في سيره تعتريه حتى يبلغ المكان المراد .

والقرآن حاوي الدين فكان القرآن من الصراط المستقيم .

وتنكير " صراط " للتوصل إلى تعظيمه .

التالي السابق


الخدمات العلمية