الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (10) قوله : من كان يريد : شرط جوابه مقدر ، ويختلف تقديره باختلاف التفسير في قوله : من كان يريد العزة فقال مجاهد : " معناه من كان يريد العزة بعبادة الأوثان ، فيكون تقديره : فليطلبها " . وقال قتادة : " من كان يريد العزة وطريقه القويم ويحب نيلها على وجهها ، فيكون تقديره [ ص: 217 ] على هذا : فليطلبها " . وقال الفراء : " من كان يريد علم العزة ، فيكون التقدير : فلينسب ذلك إلى الله تعالى " . وقيل : من كان يريد العزة التي لا تعقبها ذلة ، فيكون التقدير : فهو لا ينالها . ودل على هذه الأجوبة قوله : " فلله العزة " وإنما قيل : إن الجواب محذوف ، وليس هو هذه الجملة لوجهين ، أحدهما : أن العزة لله مطلقا ، من غير ترتبها على شرط إرادة أحد . الثاني : أنه لا بد في الجواب من ضمير يعود على اسم الشرط ، إذا كان غير ظرف ، ولم يوجد هنا ضمير . و " جميعا " حال ، والعامل فيها الاستقرار .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : " إليه يصعد " العامة على بنائه للفاعل من " صعد " ثلاثيا ، " الكلم الطيب " برفعهما فاعلا ونعتا . وعلي وابن مسعود " يصعد " من أصعد ، " الكلم الطيب " منصوبان على المفعول والنعت . وقرئ " يصعد " مبنيا للمفعول . وقال ابن عطية : " قرأ الضحاك " يصعد " بضم الياء " لكنه لم يبين كونه مبنيا للفاعل أو للمفعول .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : " والعمل الصالح " العامة على الرفع . وفيه وجهان ، أحدهما : أنه معطوف على " الكلم الطيب " فيكون صاعدا أيضا . و " يرفعه " على هذا استئناف إخبار من الله تعالى بأنه يرفعهما ، وإنما وحد الضمير ، وإن كان المراد الكلم والعمل ذهابا بالضمير مذهب اسم الإشارة ، كقوله : عوان بين ذلك . وقيل : لاشتراكهما في صفة واحدة ، وهي الصعود . والثاني : أنه مبتدأ ، [ ص: 218 ] و " يرفعه " الخبر ، ولكن اختلفوا في فاعل " يرفعه " على ثلاثة أوجه ، أحدها : أنه ضمير الله تعالى أي : والعمل الصالح يرفعه الله إليه . والثاني : أنه ضمير العمل الصالح . وضمير النصب على هذا فيه وجهان ، أحدهما : أنه يعود على صاحب العمل ، أي يرفع صاحبه . والثاني : أنه ضمير الكلم الطيب أي : العمل الصالح يرفع الكلم الطيب . ونقل عن ابن عباس . إلا أن ابن عطية منع هذا عن ابن عباس ، وقال : " لا يصح ; لأن مذهب أهل السنة أن الكلم الطيب مقبول ، وإن كان صاحبه عاصيا " . والثالث : أن ضمير الرفع للكلم ، والنصب للعمل ، أي : الكلم يرفع العمل .

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ ابن أبي عبلة وعيسى بنصب " العمل الصالح " على الاشتغال ، والضمير المرفوع للكلم أو لله تعالى ، والمنصوب للعمل .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : " يمكرون السيئات " يمكرون أصله قاصر فعلى هذا ينتصب " السيئات " على نعت مصدر محذوف أي : المكرات السيئات ، أو نعت لمضاف إلى المصدر أي : أصناف المكرات السيئات . ويجوز أن يكون " يمكرون " مضمنا معنى يكسبون فينتصب " السيئات " " مفعولا به .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : " هو يبور " " هو " مبتدأ و " يبور " خبره . والجملة خبر قوله : " ومكر أولئك " . وجوز الحوفي وأبو البقاء أن يكون " هو " فصلا بين المبتدأ وخبره . وهذا مردود : بأن الفصل لا يقع قبل الخبر إذا كان فعلا ، إلا أن الجرجاني [ ص: 219 ] جوز ذلك . وجوز أبو البقاء أيضا أن يكون " هو " تأكيدا . وهذا مردود بأن المضمر لا يؤكد الظاهر .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية