الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        ومن أحسن قولا [33]

                                                                                                                                                                                                                                        منصوب على البيان . وقد ذكرنا فيه أقوالا فمن أجمعها ما قاله الضحاك قال : هو النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ومن اتبعهم إلى يوم القيامة إلا أن الحديث عن عائشة رضي الله عنها فيه توقيف أن هذه الآية نزلت في المؤذنين ، وهي لا تقول إلا ما تعلم أنه كما قالت؛ لأن مثل هذا لا يؤخذ بالتأويل إذا قيل نزل في كذا ، كما قرئ على أبي بكر محمد بن جعفر بن حفص عن يوسف القطان عن وكيع قال : حدثنا عبيد الله بن الوليد عن محمد بن نافع عن عائشة قالت : نزلت في المؤذنين يعني قوله [ ص: 61 ] تعالى (ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله) . وقرئ على أحمد بن محمد الحجاج عن يحيى بن سليمان عن وكيع قال : حدثنا عبيد الله بن الوليد الوصافي عن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي ومحمد بن نافع عن عائشة في هذه الآية قالت : نزلت في المؤذنين ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين قال يحيى بن سليمان : وحدثنا حفص بن عمر قال : حدثنا الحكم بن أبان عن عكرمة يرفعه قال : أول من يقضى له بالرحمة يوم القيامة المؤذنون وأول المؤذنين مؤذنو مكة ، قال : والمؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة والمؤذنون إذا خرجوا من قبورهم أذنوا فنادوا بالأذان والمؤذنون لا يدودون في قبورهم . قال عكرمة : وقال عمر بن الخطاب رحمه الله قال : ما أبالي لو كنت مؤذنا أن لا أحج ولا أعتمر ولا أجاهد في سبيل الله عز وجل ، قال : وقالت الملائكة عليهم السلام لو كنا نزولا في الأرض ما سبقنا إلى الأذان أحد ، وبإسناده عن عكرمة في قوله جل وعز ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله يعني المؤذنين (وعمل صالحا) قال : صلى وصام . قال يحيى بن سليمان : وحدثنا جرير عن فضيل بن أبي رفيدة قال : قال لي عاصم بن هبيرة ، وكان من أصحاب ابن مسعود وكنت مؤذنا : إذا فرغت من الأذان وقلت لا إله إلا الله فقل وأنا من المسلمين ثم قرأ هذه الآية ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين . إنني على الأصل ، ومن قال : "إني" حذف لاجتماع النونات ، والتقدير عند جماعة من أهل العربية وقال إنني مسلم من المسلمين ، وكذا قال هشام في وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 62 ] أي ناصح من الناصحين . وقال بعض أهل النظر دل هذا من قوله جل وعز أنه حسن أن يقول أنا مسلم بلا استثناء أي قد استسلمت لله جل وعز وقبلت أمره فحكم لي بأني مسلم .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية