الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      الرهن في الكتابة قلت : أرأيت ارتهان السيد من مكاتبه رهنا بكتابته عندما كاتبه وقيمة الرهن والكتابة سواء وهو مما يغيب عليه السيد فضاع عند السيد أيكون السيد ضامنا لذلك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : ما سمعت من مالك فيه شيئا ، وأرى أن يعتق ويكون قصاصا بالكتابة .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن رهق السيد دين فأفلس أيحاص العبد المكاتب غرماء سيده ؟

                                                                                                                                                                                      قال : إن كان ارتهن منه الرهن في أصل الكتابة لم يحاص ; لأن ذلك كأنه انتزاع من السيد بمنزلة ما لو أنه كاتبه على أن يسلفه العبد دنانير أو باعه سلعة بثمن إلى أجل ، فإن ذلك كله إذا أفلس السيد لم يدخل المكاتب على غرماء سيده ، ولو أن المكاتب حل نجم من نجومه [ ص: 491 ] فسأل سيده أن يؤخره على أن يرهنه رهنا ففعل ، فارتهنه ثم فلس السيد ، فإن المكاتب إن وجد رهنه بعينه كان أحق به ، وإن لم يجده ووجده قد تلف فإنه يحاص غرماء سيده بقيمة رهنه فيكون من ذلك قضاء ما حل عليه وما بقي من قيمة الرهن إن لم يوجد للسيد مال كان ذلك على سيده يقاص به المكاتب في أداء ما يحل من نجومه .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت لو وجد رهنه بعينه في المسألة الأولى وقد فلس سيده قال : فلا يكون له قليل ولا كثير ولا محاصة له في ذلك ولا شيء لغرماء المكاتب من هذا الرهن وإن مات سيده فكذلك أيضا لا يكون له منه شيء من الأشياء كان الرهن قد تلف أو لم يتلف .

                                                                                                                                                                                      وقال غيره من الرواة : كان الرهن في أصل الكتابة أو بعدها ليس هو انتزاعا والسيد ضامن له إن تلف ولا يعلم ذلك إلا بقوله : فإن كانت قيمته دنانير والذي على المكاتب دنانير كانت قصاصا بما على المكاتب ; لأن وقفها ضرر عليهما جميعا ليس لواحد منهما في وقفها منفعة إلا أن يتهم السيد بالعداء عليها ليتعجل الكتابة قبل وقتها فيغرم ذلك ويجعل على يدي عدل ، وإن كانت الكتابة عروضا أو طعاما فالقيمة موقوفة لما يرجو من رخص ما عليه فيشتريه باليسير من العين وهو يحاص بالقيمة الغرماء في الموت والفلس ولا يجوز أن يكاتبه ويرتهن الثمن من غير مكاتبه فيكون مثل الحمالة بالكتابة وذلك ما لا يجوز .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية