الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج مالك ، والشافعي ، وعبد بن حميد ، والترمذي ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في "سننه"، عن هشام بن عروة ، عن أبيه قال : كان الرجل إذا طلق امرأته ثم ارتجعها قبل أن تنقضي عدتها كان ذلك له وإن طلقها ألف مرة، فعمد رجل إلى امرأته فطلقها حتى إذا ما شارفت انقضاء عدتها ارتجعها ثم طلقها ثم قال : والله لا آويك إلي ولا تحلين أبدا، فأنزل الله : الطلاق [ ص: 661 ] مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان

                                                                                                                                                                                                                                      فاستقبل الناس الطلاق جديدا من يومئذ من كان منهم طلق ومن لم يطلق .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الترمذي ، وابن مردويه ، والحاكم وصححه، والبيهقي في "سننه" من طريق هشام بن عروة ، عن أبيه أن عائشة قالت : كان الناس والرجل يطلق امرأته ما شاء الله أن يطلقها وهي امرأته إذا ارتجعها وهي في العدة، وإن طلقها مائة مرة أو أكثر، حتى قال رجل لامرأته : والله لا أطلقك فتبيني، ولا آويك أبدا ، قالت : وكيف ذلك؟ قال : أطلقك، فكلما همت عدتك أن تنقضي راجعتك ، فذهبت المرأة حتى دخلت على عائشة فأخبرتها فسكتت عائشة حتى جاء النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فسكت النبي صلى الله عليه وسلم حتى نزل القرآن : الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان قالت عائشة : فاستأنف الناس الطلاق مستقبلا، من كان طلق ومن لم يطلق .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه ، والبيهقي ، عن عائشة قالت : لم يكن للطلاق وقت يطلق امرأته أم يراجعها ما لم تنقض العدة، وكان بين رجل وبين أهله بعض ما يكون بين الناس، فقال : والله لأتركنك لا أيما ولا ذات زوج، فجعل يطلقها حتى إذا كادت العدة أن تنقضي راجعها، ففعل ذلك مرارا، فأنزل الله فيه : الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان فوقت لهم الطلاق [ ص: 662 ] ثلاثا، يراجعها في الواحدة وفي الثنتين، وليس في الثالثة رجعة حتى تنكح زوجا غيره .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن النجار، عن عائشة أنها أتتها امرأة فسألتها عن شيء من الطلاق، قالت : فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت : الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو داود، والنسائي ، والبيهقي ، عن ابن عباس والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء إلى قوله : وبعولتهن أحق بردهن وذلك أن الرجل كان إذا طلق امرأته فهو أحق برجعتها، وإن طلقها ثلاثا، فنسخ ذلك فقال : الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، عن الثوري، عن بعض الفقهاء قال : كان الرجل في الجاهلية يطلق امرأته ما شاء لا يكون عليها عدة، فتزوج من مكانها إن شاءت، فجاء رجل منأشجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله، إنه طلق امرأته وأنا أخشى أن تزوج فيكون الولد لغيري، فأنزل الله : الطلاق مرتان فنسخت هذه كل طلاق في القرآن .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، عن قتادة في قوله : الطلاق مرتان قال : لكل مرة قرء، فنسخت هذه الآية ما كان قبلها، فجعل الله حد الطلاق ثلاثة، وجعله [ ص: 663 ] أحق برجعتها ما دامت في عدتها ما لم يطلق ثلاثا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج وكيع ، وعبد الرزاق ، وسعيد بن منصور ، وأحمد ، وعبد بن حميد ، وأبو داود في ((ناسخه ))، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والنحاس ، وابن مردويه ، والبيهقي ، عن أبي رزين الأسدي قال : قال رجل : يا رسول الله، أرأيت قول الله : الطلاق مرتان فأين الثالثة؟ قال : ((التسريح بإحسان الثالثة)) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه ، والبيهقي ، عن أنس قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله، إني أسمع الله يقول : الطلاق مرتان فأين الثالثة؟ قال : ((فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان هي الثالثة)) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطستي في ((مسائله))، عن ابن عباس ، أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز وجل : الطلاق مرتان هل كانت العرب تعرف الطلاق ثلاثا في الجاهلية؟ قال : نعم، كانت العرب تعرف ثلاثا باتا، أما سمعت الأعشى وهو يقول وقد أخذه أختانه فقالوا : والله لا نرفع عنك العصا أو تطلق أهلك، فقد أضررت بها فقال : [ ص: 664 ]

                                                                                                                                                                                                                                      أيا جارتا بيني فإنك طالقة كذاك أمور الناس غاد وطارقة

                                                                                                                                                                                                                                      فقالوا : والله لا نرفع عنك العصا أو تثلث لها الطلاق، فقال :

                                                                                                                                                                                                                                      بيني فإن البين خير من العصا     وإلا تزال فوق رأسي بارقة

                                                                                                                                                                                                                                      فقالوا : والله لا نرفع عنك العصا أو تثلث لها الطلاق، فقال :

                                                                                                                                                                                                                                      بيني حصان الفرج غير ذميمة     وموموقة فينا كذاك روامقة
                                                                                                                                                                                                                                      وذوقي فتى حي فإني ذائق     فتاة أناس مثل ما أنت ذائقة



                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج النسائي ، وابن ماجه ، وابن جرير ، والدارقطني ، والبيهقي ، عن ابن مسعود في قوله : الطلاق مرتان قال : يطلقها بعدما تطهر من قبل جماع، فإذا حاضت وطهرت طلقها أخرى، ثم يدعها حتى تطهر مرة أخرى، ثم يطلقها إن شاء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، عن مجاهد الطلاق مرتان قال : يطلق الرجل امرأته طاهرا من غير جماع، فإذا حاضت ثم طهرت فقد تم القرء، ثم يطلق الثانية كما طلق الأولى إن أحب أن يفعل، فإذا طلق الثانية ثم حاضت [ ص: 665 ] الحيضة الثانية فهاتان تطليقتان وقرآن، ثم قال الله للثالثة : فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان فيطلقها في ذلك القرء كله إن شاء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن يزيد، عن أبي حبيب قال : التسريح في كتاب الله الطلاق .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي من طريق السدي ، عن أبي مالك وأبي صالح، عن ابن عباس ، وعن مرة، عن ابن مسعود وأناس من الصحابة في قوله : الطلاق مرتان قال : هو الميقات الذي يكون عليها فيه الرجعة، فإذا طلق واحدة أو ثنتين فإما يمسك ويراجع بمعروف، وإما يسكت عنها حتى تنقضي عدتها فتكون أحق بنفسها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في الآية قال : إذا طلق الرجل امرأته تطليقتين فليتق الله في الثالثة، فإما أن يمسكها بمعروف فيحسن صحابتها أو يسرحها بإحسان فلا يظلمها من حقها شيئا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الشافعي، وعبد الرزاق في ((المصنف ))، وابن المنذر ، والبيهقي ، عن ابن عمر ، أنه كان إذا نكح قال : أنكحتك على ما أمر الله على إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان . [ ص: 666 ] وأخرج أبو داود ، وابن ماجه ، والحاكم وصححه، والبيهقي عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((أبغض الحلال إلى الله عز وجل الطلاق)) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البزار، عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((لا تطلق النساء إلا عن ريبة، إن الله لا يحب الذواقين ولا الذواقات)) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، عن معاذ بن جبل قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((يا معاذ، ما خلق الله شيئا على ظهر الأرض أحب إليه من عتاق، وما خلق الله على وجه الأرض أبغض إليه من الطلاق)) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، والبيهقي عن زيد بن وهب ، أن بطالا كان بالمدينة، فطلق امرأته ألفا، فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب، فقال : إنما كنت ألعب، فعلاه عمر بالدرة، وقال : إن كان ليكفيك ثلاث .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور ، والبيهقي ، عن أنس بن مالك قال : قال عمر بن الخطاب في الرجل يطلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها قال : هي ثلاث لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، وكان إذا أتي به أوجعه . [ ص: 667 ] وأخرج البيهقي من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن علي فيمن طلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي من طريق حبيب بن أبي ثابت، عن بعض أصحابه قال : جاء رجل إلى علي فقال : طلقت امرأتي ألفا ، قال : ثلاث تحرمها عليك واقسم سائرها بين نسائك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، والبيهقي ، عن علقمة بن قيس قال : أتى رجل ابن مسعود فقال : إن رجلا طلق امرأته البارحة مائة مرة ، قال قلتها مرة واحدة؟ قال : نعم ، قال : تريد أن تبين منك امرأتك؟ قال : نعم ، قال : هو كما قلت ، قال : وأتاه رجل فقال : رجل طلق امرأته البارحة عدد النجوم ، قال : قلتها مرة واحدة؟ قال : نعم ، قال : تريد أن تبين منك امرأتك؟ قال : نعم ، قال : هو كما قلت، ثم قال : قد بين الله أمر الطلاق، فمن طلق كما أمره الله فقد بين له، ومن لبس على نفسه جعلنا به لبسه، والله لا تلبسون على أنفسكم ونتحمله عنكم، هو كما تقولون .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي ، عن ابن مسعود قال : المطلقة ثلاثا قبل أن يدخل بها بمنزلة التي قد دخل بها . [ ص: 668 ] وأخرج مالك ، والشافعي، وأبو داود ، والبيهقي ، عن محمد بن إياس بن البكير قال : طلق رجل امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها، ثم بدا له أن ينكحها، فجاء يستفتي، فذهبت معه أسأل له، فسأل أبا هريرة وعبد الله بن عباس عن ذلك فقالا : لا نرى أن تنكحها حتى تنكح زوجا غيرك ، قال : إنما كان طلاقي إياها واحدة، قال ابن عباس : إنك أرسلت من يدك ما كان لك من فضل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج مالك ، والشافعي، وأبو داود ، والبيهقي ، عن معاوية بن أبي عياش الأنصاري ، أنه كان جالسا مع عبد الله بن الزبير وعاصم بن عمر، فجاءهما محمد بن إياس بن البكير فقال : إن رجلا من أهل البادية طلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها، فماذا تريان؟ فقال ابن الزبير : إن هذا الأمر ما لنا فيه قول : اذهب إلى ابن عباس وأبي هريرة ، فإني تركتهما عند عائشة فاسألهما، فذهب فسألهما، قال ابن عباس لأبي هريرة : أفته يا أبا هريرة، فقد جاءتك معضلة ، فقال أبو هريرة : الواحدة تبينها، والثلاث تحرمها حتى تنكح زوجا غيره ، وقال ابن عباس مثل ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج مالك ، والشافعي، والبيهقي ، عن عطاء بن يسار قال : جاء رجل يسأل عبد الله بن عمرو بن العاص عن رجل طلق امرأته ثلاثا قبل أن يمسها فقلت : إنما طلاق البكر واحدة ، فقال لي عبد الله بن عمرو : إنما أنت قاض [ ص: 669 ] الواحدة تبينها ، والثلاث تحرمها حتى تنكح زوجا غيره .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الشافعي، والبيهقي ، عن مجاهد قال رجل لابن عباس قال : طلقت امرأتي مائة ، قال : نأخذ ثلاثا وتدع سبعة وتسعين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي ، عن ابن عمر قال : إذا طلق الرجل امرأته ثلاثا قبل أن يدخل لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي ، عن قيس بن أبي حازم قال : سأل رجل المغيرة بن شعبة وأنا شاهد عن رجل طلق امرأته مائة، قال : ثلاث تحرم، وسبع وتسعون فضل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطبراني، والبيهقي ، عن سويد بن غفلة قال : كانت عائشة الخثعمية عند الحسن بن علي ، فلما قتل علي قالت : لتهنك الخلافة قال : بقتل علي تظهرين الشماتة، اذهبي فأنت طالق ثلاثا ، قال : فتلفعت بثيابها وقعدت حتى قضت عدتها، فبعث إليها ببقية بقيت لها من صداقها وعشرة آلاف صدقة، فلما جاءها الرسول قالت : [ ص: 670 ] متاع قليل من حبيب مفارق ، فلما بلغه قولها بكى : ثم قال : لولا أني سمعت جدي أو حدثني أبي : أنه سمع جدي يقول : ((أيما رجل طلق امرأته ثلاثا عند الأقراء أو ثلاثا مبهمة لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره )) - لراجعتها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الشافعي، في ((الأم )) وأبو داود ، والحاكم ، والبيهقي ، عن ركانة بن عبد يزيد ، أنه طلق امرأته سهيمة البتة، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك وقال : والله ما أردت إلا واحدة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((والله ما أردت إلا واحدة؟)) فقال : ركانة : والله ما أردت إلا واحدة ، فردها إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطلقها الثانية في زمن عمر، والثالثة في زمن عثمان .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو داود، والترمذي ، وابن ماجه ، والحاكم وصححه، والبيهقي من طريق عبد الله بن علي بن يزيد بن ركانة، عن أبيه، عن جده ركانة أنه طلق امرأته البتة، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ((ما أردت بها؟)) قال : واحدة ، قال : (آالله ما أردت بها إلا واحدة؟ ))قال : والله ما أردت بها إلا واحدة، [ ص: 671 ] قال : ((هو ما أردت)) فردها عليه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، ومسلم ، وأبو داود ، والنسائي ، والحاكم ، والبيهقي ، عن ابن عباس قال : كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاثة واحدة فقال عمر بن الخطاب : إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الشافعي، وعبد الرزاق ، ومسلم ، وأبو داود ، والنسائي ، والبيهقي ، عن طاوس ، أن أبا الصهباء قال لابن عباس : أتعلم أنما كانت الثلاث تجعل واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وثلاثا من إمارة عمر؟ قال ابن عباس : نعم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو داود، والبيهقي ، عن طاوس ، أن رجلا يقال له أبو الصهباء كان كثير السؤال لابن عباس ، قال : أما علمت أن الرجل كان إذا طلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وصدرا من إمارة عمر؟ قال ابن عباس : بلى، كان الرجل إذا طلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وصدرا من إمارة عمر، فلما رأى الناس قد تتابعوا فيها قال : أجيزوهن عليهم . [ ص: 672 ] وأخرج عبد الرزاق ، وأبو داود ، والبيهقي ، عن ابن عباس قال : طلق عبد يزيد أبو ركانة وإخوته أم ركانة، ونكح امرأة من مزينة، فجاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : ما يغني عني إلا كما تغني هذه الشعرة -لشعرة أخذتها من رأسها- ففرق بيني وبينه ، فأخذت النبي صلى الله عليه وسلم حمية، فدعا بركانة وإخوته، ثم قال لجلسائه : ((أترون فلانا يشبه منه كذا وكذا من عبد يزيد، وفلانا منه كذا وكذا؟ )) قالوا : نعم ، قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد يزيد : ((طلقها ))، ففعل ، قال : ((راجع امرأتك أم ركانة وإخوته ))، فقال : إني طلقتها ثلاثا يا رسول الله، قال : ((قد علمت أرجعها))، وتلا : يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي ، عن ابن عباس قال : طلق ركانة امرأته ثلاثا في مجلس واحد، فحزن عليها حزنا شديدا، فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((كيف طلقتها؟)) قال : طلقتها ثلاثا فقال : (( في مجلس واحد ؟) ، قال : نعم، قال : (( فإنما تلك واحدة فأرجعها إن شئت ))، فراجعها ، فكان ابن عباس يرى أنما الطلاق عند كل طهر، فتلك السنة التي كان عليها الناس، والتي أمر الله بها فطلقوهن لعدتهن [ ص: 673 ] وأخرج أبو داود، عن ابن عباس قال : إذا قال أنت طالق ثلاثا بفم واحد فهي واحدة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحاكم وصححه، عن ابن أبي مليكة ، أن أبا الجوزاء أتى ابن عباس فقال : أتعلم أن ثلاثا كن يرددن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى واحدة؟ قال : نعم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي ، عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((طلاق التي لم يدخل بها واحدة)) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن عدي، والبيهقي ، عن الأعمش قال : كان بالكوفة شيخ يقول : سمعت علي بن أبي طالب يقول : إذا طلق الرجل امرأته ثلاثا في مجلس واحد فإنه يرد إلى واحدة، والناس عنقا واحدا إذ ذاك يأتونه ويسمعون منه ، قال فأتيته فقرعت عليه الباب، فخرج إلي شيخ، فقلت له : كيف سمعت علي بن أبي طالب يقول فيمن طلق امرأته ثلاثا في مجلس واحد؟ قال : سمعت علي بن أبي طالب يقول : إذا طلق الرجل امرأته ثلاثا في مجلس واحد فإنه يرد إلى واحدة ، قال : فقلت له : أنى سمعت هذا من علي ؟ قال : أخرج إليك كتابا، فأخرج، فإذا فيه : بسم الله الرحمن الرحيم قال : هذا ما سمعت من علي بن [ ص: 674 ] أبي طالب يقول : إذا طلق الرجل امرأته ثلاثا في مجلس واحد فقد بانت منه، ولا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، قلت : ويحك، هذا غير الذي تقول، قال : الصحيح هو هذا، ولكن هؤلاء أرادوني على ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي ، عن مسلمة بن جعفر الأحمسي قال : قلت لجعفر بن محمد : يزعمون أن من طلق ثلاثا بجهالة رد إلى السنة، يجعلونها واحدة يروونها عنكم ، قال : معاذ الله، ما هذا من قولنا، من طلق ثلاثا فهو كما قال .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي عن بسام الصيرفي قال : سمعت جعفر بن محمد يقول : من طلق امرأته ثلاثا بجهالة أو علم فقد برئت منه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن ماجه، عن الشعبي قال : قلت لفاطمة بنت قيس : حدثيني عن طلاقك، قالت : طلقني زوجي ثلاثا وهو خارج إلى اليمن، فأجاز ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ،

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية