الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          فصل ويباح لمن أراد خطبة امرأة بكسر الخاء ( وغلب على ظنه إجابته نظر ما يظهر ) منها ( غالبا كوجه ورقبة ويد وقدم ) لحديث { إذا خطب أحدكم المرأة فقدر أن يرى منها بعض ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل } رواه أحمد وأبو داود ، وقال أي النبي : { إذا ألقى الله عز وجل في قلب امرئ خطبة امرأة فلا بأس أن ينظر إليها } رواه أحمد وابن ماجه من حديث محمد بن سلمة .

                                                                          وعن المغيرة بن شعبة أنه خطب امرأة فقال النبي صلى الله عليه وسلم : { انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما } رواه الخمسة إلا أبا داود ومعنى يؤدم أي يؤلف ويوفق والأمر بذلك بعد الحظر فهو للإباحة ( ويكرره ويتأمل المحاسن ) بلا إذن ( المرأة ) إن أمن الشهوة أي ثورانها ( من غير خلوة ) لحديث جابر مرفوعا { إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر منها ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل قال : فخطبت جارية من بني سلمة فكنت أتخبأ لها حتى رأيت منها بعض ما دعاني إلى نكاحها } رواه أحمد وأبو داود .

                                                                          فإن كان مع خلوة أو مع خوف ثوران الشهوة لم يجز ( ولرجل وامرأة نظر ذلك ) أي الوجه واليد والرقبة والقدم ( ورأس وساق من أمة مستامة ) أي معرضة للبيع يريد شراءها كما لو أراد خطبتها بل المستامة أولى ، لأنها تراد للاستمتاع وغيره نقل حنبل ، لا بأس أن يقلبها إذا أراد الشراء من فوق الثياب ، لأنها لا حرمة لها .

                                                                          وروى أبو حفصة أن ابن عمر كان يضع يده بين ثدييها وعلى عجزها من فوق الثياب ويكشف عن ساقيها .

                                                                          ( و ) يباح لرجل نظر وجه ورقبة ويد وقدم ورأس وساق ( من ) ذات محرم ، لقوله تعالى : { ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن } الآية ( وهي ) أي ذات المحرم ( من تحرم عليه أبدا بنسب ) كأمه وأخته ( أو سبب مباح ) كرضاع ومصاهرة كأخته من رضاع وزوجة ابنيه وابنه وأم زوجته بخلاف أختها ونحوها ، لأن تحريمها إلى أمد وبخلاف أم المزني بها وبنتها وأم الموطوءة بشبهة وبنتها ، لأن السبب ليس مباحا ( لحرمتها ) إخراجا للملاعنة ، لأنها تحرم على الملاعن أبدا عقوبة عليه لا لحرمتها ( إلا نساء النبي صلى الله عليه وسلم ) فلا [ ص: 625 ] يباح النظر إليهن من غير آبائهن ونحوهم وإن حرمن علينا أبدا .

                                                                          ( و ) يباح ( للعبد ) امرأة ( لا مبعض أو مشترك نظر ذلك ) أي الوجه والرقبة واليد والقدم والرأس والساق ( من مولاته ) أي مالكة كله لقوله تعالى : { أو ما ملكت أيمانهن } ولمشقة تحرزها منه ( وكذا غير أولي الإربة ) أي الحاجة إلى النساء فيباح لهم النظر إلى ذلك من الأجنبيات ( كعنين وكبير ونحوهما ) كمريض لا شهوة له لقوله تعالى : { أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال } .

                                                                          ( و ) يباح أن ( ينظر ممن لا تشتهى كعجوز وبرزة ) لا تشتهى ( وقبيحة ونحوهن ) كمريضة لا تشتهى إلى غير عورة صلاة لقوله تعالى : { والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا } الآية .

                                                                          ( و ) يباح أن ينظر ( من أمة غير مستامة إلى غير عورة صلاة ) قاله في التنقيح وتبعه المصنف عليه ، وقطع القاضي في الجامع الصغير بأن حكمهما واحد ، واختاره في المغني قال ابن المنذر ثبت أن عمر قال لأمة رآها متقنعة ( اكشفي رأسك ولا تشبهي بالحرائر ) وأطال في شرحه في رد كلام المنقح هنا ، وهكذا في الإقناع الصواب خلافه

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية