الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (37) قوله : ربنا : على إضمار القول ، وذلك القول إن شئت قدرته فعلا مفسرا لـ " يصطرخون " أي : يقولون في صراخهم : ربنا أخرجنا ، وإن شئت قدرته حالا من فاعل " يصطرخون " أي : قائلين ربنا . ويصطرخون : يفتعلون من الصراخ وهو شدة رفع الصوت فأبدلت التاء صادا لوقوعها قبل الطاء .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : صالحا غير الذي كنا نعمل يجوز أن يكونا بمعنى مصدر محذوف [ ص: 236 ] أي : عملا صالحا غير الذي كنا نعمل ، وأن يكونا بمعنى مفعول به محذوف أي : نعمل شيئا صالحا غير الذي كنا نعمل ، وأن يكون " صالحا " نعتا لمصدر ، و غير الذي كنا نعمل هو المفعول به . وقال الزمخشري : " فإن قلت : فهلا اكتفي بـ " صالحا " كما اكتفي به في قوله : فارجعنا نعمل صالحا ، وما فائدة زيادة " غير الذي كنا نعمل " على أنه يوهم أنهم يعملون صالحا آخر غير الصالح الذي عملوه ؟ قلت : فائدته زيادة التحسر على ما عملوه من غير الصالح مع الاعتراف به . وأما الوهم فزائل بظهور حالهم في الكفر وظهور المعاصي ، ولأنهم كانوا يحسبون أنهم على سيرة صالحة ، كما قال تعالى : وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا فقالوا : أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نحسبه صالحا فنعمله " .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : " ما يتذكر " جوزوا في " ما " هذه ، وجهين ، أحدهما : - ولم يحك الشيخ غيره - أنها مصدرية ظرفية قال : أي مدة تذكر . وهذا غلط ; لأن الضمير في " فيه " يمنع من ذلك لعوده على " ما " ، ولم يقل باسمية " ما " المصدرية إلا الأخفش وابن السراج . الثاني : أنها نكرة موصوفة أي تعمرا يتذكر فيه ، أو زمانا يتذكر فيه . وقرأ الأعمش " ما يذكر " بالإدغام " من اذكر " . قال الشيخ : " بالإدغام واجتلاب همزة الوصل ملفوظا بها في الدرج " . وهذا [ ص: 237 ] غريب حيث أثبتت همزة الوصل مع الاستغناء عنها ، إلا أن يكون حافظ على سكون " من " وبيان ما بعدها .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : " وجاءكم " عطف على " أولم نعمركم " لأنه في معنى : قد عمرناكم ، كقوله : ألم نربك ثم قال : ولبثت ، ألم نشرح لك ثم قال ووضعنا إذ هما في معنى : ربيناك ، وشرحنا .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : " من نصير " يجوز أن يكون فاعلا بالجار لاعتماده ، وأن يكون مبتدأ مخبرا عنه بالجار قبله . وقرئ " النذر " جمعا .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية