الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله - عز وجل -: ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك ؛ أي: الأخبار التي قصصناها عليك في زكريا؛ ويحيى ؛ ومريم ؛ وعيسى ؛ من أنباء الغيب؛ أي: من أخبار ما غاب عنك؛ وفي هذا دليل على تثبيت نبوة النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه أنبأ بما لا يعلم إلا من كتاب؛ أو وحي؛ وقد أجمعوا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أميا؛ فإنباؤه إياهم بالأخبار التي في كتبهم على حقيقتها؛ من غير قراءة الكتب؛ دليل على أنه نبي؛ وأن الله أوحى إليه بها؛ ومعنى إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم ؛ أي: هذا أيضا مما لم تحضره؛ ومعنى الأقلام؛ ههنا: القداح؛ وهي قداح جعلوا [ ص: 411 ] عليها علامات يعرفون بها أيهم يكفل مريم؛ على جهة القرعة؛ وإنما قيل للسهم: " القلم " ؛ لأنه يقلم؛ أي: يبرى؛ وكل ما قطعت منه شيئا بعد شيء فقد قلمته؛ من ذلك " القلم " ؛ الذي يكتب به؛ إنما سمي لأنه قلم مرة بعد مرة؛ ومن هذا " قلمت أظافري " .

                                                                                                                                                                                                                                        ومعنى أيهم يكفل مريم ؛ أي: لينظروا: أيهم تجب له كفالة مريم؛ وهو الضمان للقيام بأمرها؛ ومعنى لديهم عندهم؛ وبحضرتهم؛ إذ يختصمون ؛ " إذ " ؛ نصب بقوله: " وما كنت لديهم " ؛ و " إذ " ؛ الثانية معلقة ب " يختصمون " ؛ أي: " إذ يختصمون إذ قالت الملائكة " ؛ ف " إذ " ؛ منصوبة ب " يختصمون " ؛ ويكون المعنى أنهم اختصموا بسبب مريم ؛ وعيسى ؛ وجائز أن يكون نصب " إذ " ؛ على " وما كنت لديهم إذ قالت الملائكة " ؛ هذا أيضا مما لم يشاهده.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية