الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 658 ] القول في قوله تعالى: وذروا ظاهر الإثم وباطنه ، إلى قوله: قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين [الآيات: 120-149].

                                                                                                                                                                                                                                      وذروا ظاهر الإثم وباطنه إن الذين يكسبون الإثم سيجزون بما كانوا يقترفون ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله الله أعلم حيث يجعل رسالته سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله وعذاب شديد بما كانوا يمكرون فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون وهذا صراط ربك مستقيما قد فصلنا الآيات لقوم يذكرون لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا وغرتهم الحياة.الدنيا وشهدوا [ ص: 659 ] على أنفسهم أنهم كانوا كافرين ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون ولكل درجات مما عملوا وما ربك بغافل عما يعملون وربك الغني ذو الرحمة إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين إن ما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار إنه لا يفلح الظالمون وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم ليردوهم وليلبسوا عليهم دينهم ولو شاء الله ما فعلوه فذرهم وما يفترون وقالوا هذه أنعام وحرث حجر لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم وأنعام حرمت ظهورها وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها افتراء عليه سيجزيهم بما كانوا يفترون وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا وإن يكن ميتة فهم فيه شركاء سيجزيهم وصفهم إنه حكيم عليم قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم وحرموا ما رزقهم الله افتراء على الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات والنخل والزرع مختلفا أكله والزيتون والرمان متشابها وغير متشابه كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا.حقه يوم حصاده ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ومن الأنعام حمولة وفرشا كلوا مما رزقكم الله ولا [ ص: 660 ] تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين قل آلذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين نبئوني بعلم إن كنتم صادقين ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين قل آلذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم إن الله لا يهدي القوم الظالمين قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنـزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون فإن كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين

                                                                                                                                                                                                                                      الأحكام والنسخ:

                                                                                                                                                                                                                                      تقدم القول في قوله تعالي: ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه . وقوله: وآتوا حقه يوم حصاده : قال أنس بن مالك، وابن المسيب، [ ص: 661 ] ومالك بن أنس، وغيرهم: الآية محكمة، والمراد بها: الزكاة المفروضة، وكذلك قال بعض أصحاب الشافعي.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال بعض أصحابه: هي منسوخة; لأنه ليس في الرمان ولا في شيء من الثمار زكاة إلا في النخل والكرم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال ابن عباس، وسعيد بن جبير، وغيرهما أيضا: هي منسوخة، وهي في حق كان على المسلمين قبل أن تفرض الصدقة، ثم نسخته الصدقة المعلومة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الثوري، ومجاهد، وغيرهما: هو حق واجب سوى الزكاة، وروى الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «هو ما يسقط من السنبل»، وقال قوم: هي على الندب.

                                                                                                                                                                                                                                      واستدل من قال: إنها في غير الزكاة بقوله: يوم حصاده ، والزكاة إنما تخرج بعد الكيل، وبقوله: (ولا تسرفوا)، والزكاة محدودة، وبأنها لو كانت الزكاة; لوجبت في جميع الثمار، ولم يقل بذلك أحد سوى النخعي; فإنه قال: في كل ما أخرجت الأرض الزكاة، حتى في عشر دساتج بقل دستجة بقل، وقد اختلف عنه في ذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 662 ] وقال أبو حنيفة: في كل ما أخرجت الأرض الزكاة، وقال أبو يوسف عنه: إلا الحطب، والحشيش، والقصب، والتبن، والسعف، وقصب الذريرة، والذرة معا، وقصب السكر، وليس في الخضر والفواكه كلها عند مالك صدقة، وهو مذهب الشافعي، وأبي ثور، وغيرهما.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الحسن، والزهري: تزكى أثمان الخضر إذا بيعت، وبلغ الثمن مئتي درهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال أبو يوسف، ومحمد بن الحسن: ليس في شيء من الخضر زكاة إلا ما كانت له ثمرة باقية، سوى الزعفران و نحوه مما يوزن; ففيه الزكاة.

                                                                                                                                                                                                                                      قال أبو يوسف: وكذلك قصب السكر الذي يكون منه السكر، ويكون في أرض العشر; فيه ما في الزعفران، وقد بسطت القول في هذا في «الكبير».

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية