الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              3816 باب: الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين

                                                                                                                              وقال النووي: (باب فضل الكمأة، ومداواة العين بها) .

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \النووي، ص4-5 ج14، المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن سعيد بن زيد؛ عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال الكمأة من المن، الذي أنزل الله على موسى. وماؤها شفاء للعين" ].

                                                                                                                              [ ص: 343 ]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              [ ص: 343 ] (الشرح)

                                                                                                                              (عن سعيد بن زيد) رضي الله عنه؛ (عن النبي صلى الله عليه) وآله (وسلم؛ قال: الكمأة من المن، الذي أنزله الله عز وجل على موسى) وفي لفظ: "أنزل الله عز وجل على بني إسرائيل". (وماؤها شفاء للعين) .

                                                                                                                              "الكمأة": بفتح الكاف، وإسكان الميم، وبعدها همزة مفتوحة. "والمن": بفتح الميم، وتشديد النون: كل طل ينزل من السماء، على شجر أو حجر، ويحلو ويتعقد عسلا، ويجف جفاف الصمغ. كالشيرخشت، والترنجبين. والمعروف بالمن: ما وقع على شجر البلوط: معتدل نافع للسعال الرطب، والصدر، والرئة. قال أبو عبيد، وكثيرون: شبهها بالمن، الذي كان ينزل على بني إسرائيل؛ لأنه كان يحصل لهم بلا كلفة، ولا علاج. والكمأة: تحصل بلا كلفة ولا علاج، ولا زرع بزر، ولا سقي، ولا غيره. قال القسطلاني: وهي كثيرة بأرض المغرب، وتوجد بأرض الشام، ومصر. وأجودها: [ ص: 344 ] ما كانت أرضه رملة، قليلة الماء. وأنواعها المشهورة ثلاثة؛

                                                                                                                              أحدها: ما يضرب لونه إلى الحمرة. وهي قتالة.

                                                                                                                              والثاني: يضرب إلى البياض. وتسمى: "الفقع" بفتح الفاء وكسرها. وتسمى: "شحمة الأرض".

                                                                                                                              والثالث: إلى الغبرة والسواد. وهي التي تؤكل. وهي بأنواعها: باردة رطبة في الدرجة الثانية. تؤكل نيئة، ومطبوخة: باللحم، والأدهان، والأفاويه. انتهى.

                                                                                                                              وقيل: هي من "المن" الذي أنزل الله على بني إسرائيل حقيقة، عملا بظاهر اللفظ. واستشكل: بأن المنزل عليهم كان "الترنجبين" الساقط من السماء. وهذا ينبت من الأرض. وأجيب باحتمال: أن الذي أنزل عليهم، كان أنواعا -من الله عليهم بها- من النبات، ومن الطير الذي يسقط عليهم من غير اصطياد، ومن الطل الساقط على الشجر.

                                                                                                                              "والمن" مصدر، بمعنى المفعول. أي: ممنون به. فلما لم يكن لهم فيه شائبة كسب، كان منا محضا. وإن كانت نعم الله على عباده، منا منه عليهم. فالكمأة: فرد من أفراد المن.

                                                                                                                              والمراد: نفس مائها "مجردا". وقيل: مخلطا بدواء، ويعالج به [ ص: 345 ] العين. وقيل: إن كان لبرودة ما في العين من حرارة، فماؤها "مجردا": شفاء. وإن كان بغير ذلك: فمركب مع غيره. والصحيح، بل الصواب: أن ماءها "مجردا": شفاء للعين مطلقا. فيعصر ماؤها، ويجعل في العين منه. قال النووي: وقد رأيت أنا وغيري في زمننا: من كان عمي وذهب بصره حقيقة، فكحل عينه بماء الكمأة "مجردا": فشفي وعاد إليه بصره. وهو الشيخ. العدل، الأيمن: "الكمال بن عبد الله الدمشقي"، صاحب صلاح ورواية للحديث. وكان استعماله لماء الكمأة؛ اعتقادا في الحديث وتبركا به. انتهى.

                                                                                                                              وفي الطب "لأبي نعيم"؛ عن ابن عباس مرفوعا: "ضحكت الجنة، فأخرجت الكمأة".




                                                                                                                              الخدمات العلمية