الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      [ ص: 18 ] فصل [ أول من صنف في الأصول ]

                                                      الشافعي رضي الله عنه أول من صنف في أصول الفقه صنف فيه كتاب الرسالة " ، وكتاب أحكام القرآن " ، واختلاف الحديث " ، وإبطال الاستحسان " وكتاب جماع العلم " وكتاب " القياس " الذي ذكر فيه تضليل المعتزلة ورجوعه عن قبول شهادتهم ، ثم تبعه المصنفون في الأصول .

                                                      قال الإمام أحمد بن حنبل : لم نكن نعرف الخصوص والعموم حتى ورد الشافعي . وقال الجويني في شرح الرسالة " : لم يسبق الشافعي أحد في تصانيف الأصول ومعرفتها .

                                                      وقد حكي عن ابن عباس تخصيص عموم ، وعن بعضهم القول بالمفهوم ، ومن بعدهم لم يقل في الأصول شيئا ، ولم يكن لهم فيه قدم . فإنا رأينا كتب السلف من التابعين وتابعي التابعين وغيرهم فما رأيناهم صنفوا فيه . ألا ترى أن أحمد بن حنبل كان أكبر سنا منه ، وكان متقدما في العلم ، [ ص: 19 ] وكان يأخذ بركابه فيتبعه ، ويتعلم منه . ا هـ . وليس كما قال بل هو أصغر من الشافعي بأربع عشرة سنة .

                                                      واعلم أن الشيخ أبا الحسن الأشعري كان يتبع الشافعي في الفروع والأصول وربما يخالفه في الأصول ، كقوله بتصويب المجتهدين في الفروع ، وليس ذلك مذهب الشافعي ، وكقوله : " لا صيغة للعموم " .

                                                      قال الشيخ أبو محمد الجويني . ونقل مخالفته أصول الشافعي ونصوصه وربما ينسب المبتدعون إليه ما هو بريء منه كما نسبوا إليه أنه يقول : ليس في المصحف قرآن ، ولا في القبور نبي ، وكذلك الاستثناء في الإيمان ونفي قدرة الخالق في الأزل ، وتكفير العوام ، وإيجاب علم الدليل عليهم . وقد تصفحت ما تصحفت من كتبه ، وتأملت نصوصه في هذه المسائل فوجدتها كلها خلاف ما نسب إليه .

                                                      وقال ابن فورك في كتاب شرح كتاب المقالات " للأشعري في مسألة تصويب المجتهدين : اعلم أن شيخنا أبا الحسن الأشعري يذهب في الفقه ومسائل الفروع وأصول الفقه أيضا مذهب الشافعي ونص قوله في كتاب التفسير في باب إيجاب قراءة الفاتحة على المأموم : خلاف قول [ ص: 20 ] أبي حنيفة ، والجهر بالبسملة : خلاف قول مالك ، وفي إثبات آية البسملة في كل سورة آية منها قرآنا منزلا فيها ، ولذلك قال في كتابه في أصول الفقه بموافقة أصوله .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية