الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      في اغتسال الجنب في الماء الدائم قال : وسمعت مالكا يكره للجنب أن يغتسل في الماء الدائم ، قال : وقد جاء في الحديث : { لا يغتسل الجنب في الماء الدائم } قال : وقال مالك : لا يغتسل الجنب في الماء الدائم .

                                                                                                                                                                                      قلت لابن القاسم : فما تقول في هذه الحياض التي تسقى منها الدواب لو أن رجلا اغتسل فيها وهو جنب أيفسدها في قول مالك أم لا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم إلا أن يكون غسل يديه قبل دخوله فيها وغسل فرجه وموضع الأذى منه فلا يكون بذلك بأس لأن الحائض تدخل يدها في الإناء ، والجنب يدخل يده في الإناء فلا يفسد ذلك الماء ، قال : فجميع جسده بمنزلة يده قال ابن وهب في الحائض تدخل يدها في إناء ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا بأس به . قال : وقال مالك في الجنب يدخل في القصرية يغتسل فيها من الجنابة ، قال لا خير في ذلك ، قال : وإن كان غير جنب فلا بأس بذلك . قال : وسألت مالكا عن البئر القليلة الماء أو ما أشبه ذلك يأتيها الجنب وليس معه ما يغرف به وفي يديه قذر ؟

                                                                                                                                                                                      قال : يحتال لذلك حتى يغسل يده ثم يغرف منها فيغتسل ، قال : فأدرته ، فجعل يقول لي : يحتال لذلك وكره أن يقول لي يغتسل فيها وجعل لا يزيدني على ذلك .

                                                                                                                                                                                      قال : وقد جاء الحديث : { أنه نهى الجنب عن الغسل في الماء الدائم } ، قال ابن القاسم : ولو اغتسل فيه لم أر ذلك ينجسه إذا كان ماء معينا ورأيت ذلك مجزيا عنه . قال سحنون عن أنس بن عياض عن الحارث بن عبد الرحمن عن عطاء بن ميناء عن أبي هريرة { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يبول أحدكم في الماء الدائم ثم يتوضأ منه أو يشرب } . قال : وبلغني عن أبي هريرة أنه قال : ثم يغتسل فيه .

                                                                                                                                                                                      قال ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن بكير بن عبد الله أن أبا السائب مولى هشام بن زهرة حدثه أنه سمع أبا هريرة يقول : { قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب } . فقالوا : كيف يفعل أبا هريرة ؟

                                                                                                                                                                                      قال : يتناوله تناولا .

                                                                                                                                                                                      قال علي بن زياد قيل لمالك : فإذا اضطر الجنب ؟

                                                                                                                                                                                      قال : يغتسل فيه إنما كره ذلك له إذا وجد منه بدا فأما إذا اضطر إليه فلا بأس بأن يغتسل فيه إذا كان الماء كثيرا يحمل ذلك ، ورواه ابن وهب أيضا قال ابن وهب قال الليث عن يحيى بن سعيد قال : سألته عن البئر والفسقية أو الحوض يكون ماء ذلك كله كثيرا راكدا غير جار وهو يغتسل [ ص: 134 ] فيه الجنب أو الحائض هل يكره لأحد أن ينتفع بمائها إن فعل ذلك جاهل من جنب أو حائض ؟ قال يحيى : أما البئر المعين فإني لا أرى اغتسال الجنب والحائض فيها بمانع مرافقها من الناس وأما الفسقية أو الحوض فإني لا أرى أن ينتفع أحد بمائها ما لم يكن ماؤها كثيرا .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية