الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( القاعدة التاسعة ) : في العبادات الواقعة على وجه محرم ، إن كان التحريم عائدا إلى ذات العبادة على وجه يختص بها لم يصح ، وإن كان عائدا إلى شرطها فإن كان على وجه يختص بها فكذلك أيضا ، وإن كان لا يختص بها ففي الصحة روايتان أشهرهما عدمها ، وإن عاد إلى ما ليس بشرط فيها ففي الصحة وجهان واختار أبو بكر عدم الصحة وخالفه الأكثرون فللأول أمثلة كثيرة : ( منها ) صوم يوم العيد فلا يصح بحال على المذهب ( ومنها ) الصلاة في أوقات النهي .

( ومنها ) الصلاة في مواضع النهي فلا يصح على القول بأن النهي للتحريم وإنما يصح على القول بأن النهي للتنزيه .

هذه طريقة المحققين وإن كان من الأصحاب من يحكي الخلاف في الصحة مع القول بالتحريم ( ومنها ) صيام أيام التشريق فلا يصح تطوعا بحال ، والخلاف في صحة صومها فرضا مبني على أن النهي هل يشمل الفرض أم يختص التطوع وللثاني أمثلة كثيرة : ( منها ) الصلاة بالنجاسة وبغير سترة وأشباه ذلك وللثالث أمثلة كثيرة : ( منها ) الوضوء بالماء المغصوب ( ومنها ) الصلاة في الثوب المغصوب والحرير وفي الصحة روايتان ، وعلى رواية عدم الصحة فهل المبطل ارتكاب النهي في شرط العبادة ، أم ترك الإتيان بالشرط المأمور به .

للأصحاب فيه مأخذان ينبني عليهما لو لم يجد إلا ثوبا مغصوبا فصلى فيه فإن عللنا بارتكاب النهي لم تصح صلاته ، وإن عللنا بترك المأمور صحت لأنه غير واجد لسترة يؤمر بها ، وأما من لم يجد إلا ثوب حرير فتصح صلاته فيه بغير خلاف على أصح الطريقين لإباحة لبسه في هذه الحال .

( ومنها ) الصلاة في البقعة المغصوبة وفيها الخلاف وللبطلان مأخذان أيضا :

أحدهما أن البقعة شرط للصلاة ولهذا لا تصح الصلاة في الأرجوحة ولا على بساط في الهواء .

والثاني : أن حركات المصلي وسكناته في الدار المغصوبة هو نفس المحرم فالتحريم عائد إلى نفس الصلاة وإن كان غير مختص بها فهو كإخراج الزكاة والهدي من المال المغصوب وللرابع أمثلة : ( منها ) الوضوء من الإناء المحرم .

( ومنها ) صلاة من عليه عمامة غصب أو حرير أو في يده خاتم ذهب وفي ذلك كله وجهان واختيار أبي بكر عدم الصحة ، وأما من عليه ثوبان

أحدهما [ ص: 13 ] غصب فقيل هو مخرج على هذين الوجهين ، وقيل بل هو كمن ليس عليه سوى الثوب المغصوب لأن المباح لم يتعين للستر بل الستر حصل بواحد غير معين .

وأما الحج بالمال المغصوب ففي صحته روايتان فقيل لأن المال شرط لوجوبه وشرط الوجوب كشرط الصحة ورجح ابن عقيل الصحة وجعله من القسم الرابع ومنع كون المال شرطا لوجوبه لأنه يجب على القريب بغير مال وليس بشيء ، فإنه شرط في حق البعيد خاصة ، كما أن المحرم شرط في حق المرأة دون الرجل والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية