الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 30 ) فصل : في تطهير الماء النجس . وهو ثلاثة أقسام : أحدها ما دون القلتين ، فتطهيره بالمكاثرة بقلتين طاهرتين ، إما أن يصب فيه ، أو ينبع فيه ، فيزول بهما تغيره إن كان متغيرا ، وإن لم يكن متغيرا طهر بمجرد المكاثرة ; لأن القلتين لا تحمل الخبث ، ولا تنجس إلا بالتغير ، ولذلك لو ورد عليها ماء نجس لم ينجسها ما لم تتغير به ، فكذلك إذا كانت واردة ، ومن ضرورة الحكم بطهارتهما طهارة ما اختلطتا به .

                                                                                                                                            القسم الثاني : أن يكون وفق القلتين ، فلا يخلو من أن يكون غير متغير بالنجاسة ، فيطهر بالمكاثرة المذكورة لا غير ، الثاني أن يكون متغيرا فيطهر بأحد أمرين ; بالمكاثرة المذكورة إذا أزالت التغير ، أو بتركه حتى يزول تغيره بطول مكثه .

                                                                                                                                            القسم الثالث ، الزائد عن القلتين ، فله حالان ، أحدهما ، أن يكون نجسا بغير التغير ، فلا طريق إلى تطهيره بغير المكاثرة ، الثاني أن يكون متغيرا بالنجاسة ، فتطهيره بأحد أمور ثلاثة ; المكاثرة ، أو زوال تغيره بمكثه ، أو أن ينزح منه ما يزول به التغير ، ويبقى بعد ذلك قلتان فصاعدا ، فإنه إن بقي ما دون القلتين ، قبل زوال تغيره ، لم يبق التغير علة تنجيسه ; لأنه تنجس بدونه ، فلا يزول التنجيس بزواله ، ولذلك طهر الكثير بالنزح وطول المكث ، ولم يطهر القليل ، فإن الكثير لما كانت علة تنجيسه التغير زال تنجيسه بزوال علته ، كالخمرة إذا انقلبت خلا ، والقليل علة تنجيسه الملاقاة لا التغير ، فلم يؤثر زواله في زوال التنجيس .

                                                                                                                                            ( 31 ) فصل : ولا يعتبر في المكاثرة صب الماء دفعة واحدة ; لأن ذلك غير ممكن ، لكن يوصل الماء على ما [ ص: 38 ] يمكنه من المتابعة ، إما من ساقية ، وإما دلوا فدلوا ، أو يسيل إليه ماء المطر ، أو ينبع قليلا قليلا ، حتى يبلغ قلتين فيحصل به التطهير .

                                                                                                                                            ( 32 ) فصل : فإن كوثر بما دون القلتين ، فزال تغيره ، أو طرح فيه تراب أو مائع غير الماء ، أو غير ذلك ، فزال تغيره به ، ففيه وجهان أحدهما لا يطهر بذلك ; لأنه لا يدفع النجاسة عن نفسه ، فعن غيره أولى ; ولأنه ليس بطهور ، فلا يحصل به الطهارة كالماء النجس .

                                                                                                                                            والثاني ، يطهر ; لأن علة نجاسته التغير ، وقد زال ، فيزول التنجيس ، كما لو زال بمكثه ، وكالخمرة إذا انقلبت خلا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية