الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            فصل في بيان أركان الحج والعمرة ، وبيان أوجه أدائهما مع ما يتعلق بذلك

                                                                                                                            ( أركان الحج خمسة ) بل ستة : أحدها ( الإحرام به ) أي نية الدخول فيه لخبر { إنما الأعمال بالنيات } ( و ) ثانيها ( الوقوف ) بعرفة إجماعا لخبر { الحج عرفة } ( و ) ثالثها ( الطواف ) بالكعبة لقوله تعالى { وليطوفوا بالبيت العتيق } والمراد طواف الإفاضة ( و ) رابعها ( السعي ) بين الصفا والمروة لخبر { أنه صلى الله عليه وسلم استقبل القبلة في السعي وقال يا أيها الناس اسعوا فإن السعي قد كتب عليكم } ( و ) خامسها ( الحلق ) أو التقصير ( إذا جعلناه نسكا ) وهو المشهور لتوقف التحلل عليه مع عدم جبر تركه بدم كالطواف وسادسها الترتيب في معظم هذه الأركان [ ص: 322 ] بحثه في الروضة ، وإن عده في المجموع شرطا بأن يقدم الإحرام على الجميع ويؤخر السعي عن طواف ركن أو قدوم ، ويقدم الوقوف على طواف الركن والحلق أو التقصير للاتباع مع خبر { خذوا عني مناسككم } ( ولا تجبر ) هذه الأركان ولا شيء منها ( بدم ) بل يتوقف الحج عليها ; لأن الماهية لا تحصل إلا بجميع أركانها وأما واجباته فخمسة أيضا : الإحرام من الميقات والرمي في يوم النحر وأيام التشريق والمبيت بمزدلفة والمبيت بليالي منى واجتناب محرمات الإحرام وأما طواف الوداع فقد مر أنه ليس من المناسك ، فعلى هذا لا يعد من الواجبات فهذه تجبر بدم وتسمى بعضا وغيرها يسمى هيئة ( وما سوى الوقوف ) من هذه الستة ( أركان في العمرة أيضا ) لشمول الأدلة السابقة لها ، نعم الترتيب معتبر في جميع أركانها فيجب تأخير الحلق أو التقصير عن سعيها وواجب العمرة شيئان : الإحرام من الميقات ، واجتناب محرمات الإحرام .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            [ ص: 321 ] فصل ) في بيان أركان الحج والعمرة ، وبيان أوجه أدائهما مع ما يتعلق بذلك ( قوله أي نية الدخول فيه ) ع قدره فيما سبق بالدخول في النسك وعدل هنا إلى نية الدخول ; لأنه الملائم للركنية ، وفي سم على حج : فرع : هل يأتي فيمن لم يميز الفروض من السنن ما تقرر في نحو الصلاة حتى لو اعتقد بفرض معين نفلا لم يصح : أو يفرق بأن النسك شديد التعلق ولهذا لو نوى به النفل وقع عن نسك الإسلام ، وقد يتجه الفرق فيصح مطلقا وإن لم يميز ولا اعتقد بفرض معين نفلا فليتأمل ا هـ .

                                                                                                                            أقول : الأقرب عدم الفرق ، ويؤيده قول حج أول الحج بعد قول المصنف وشرط صحته الإسلام إلخ ، على أنه اعترض بأنه يشترط أيضا الوقت والنية والعلم والكيفية حتى لو جرت أفعال النسك منه اتفاقا لم يعتد بها ، لكن رد ذكر النية بأنها ركن ويرد ذكر الوقت بأنه معلوم من صريح كلامه الآتي في المواقيت ، وذكر العلم بأنه لو حصل بعد الإحرام وقبل تعاطي الأفعال كفى فليس شرطا لانعقاد الإحرام الذي الكلام فيه بل يكفي لانعقاده تصوره بوجه ا هـ .

                                                                                                                            ووجه التأييد أن قوله بأنه لو حصل بعد الإحرام وقبل تعاطي الأفعال كفى ، صريح في أنه إن لم يحصل له العلم بالكيفية لا قبل الإحرام ولا بعده لم يكف ، وعليه فيكون المعتبر فيه عين ما يعتبر في الصلاة بلا فرق غايته أنه يعتبر في الصلاة حال النية ، وفي الحج لا يعتبر ذلك ( قوله : استقبل القبلة في السعي ) ع هذا الحديث ضعفه النووي : قال السبكي رحمه الله : فالدليل خذوا عني مناسككم مع فعله صلى الله عليه وسلم ا هـ سم على منهج .

                                                                                                                            أقول : يمكن أن يجاب عن الحديث بوجه آخر وهو أن يقال : إنه مبين لما وقع في الآية الشريفة وهي قوله إن الصفا إلخ ، وبيان المراد من الآيات يجوز الاستدلال عليه بالأحاديث الضعيفة ( قوله : وسادسها الترتيب ) قال سم على منهج : قوله وسادسها [ ص: 322 ] الترتيب إلخ ، أقول : لي هنا شبهة وهي أن شأن ركن الشيء أن يكون بحيث لو انعدم انعدم ذلك الشيء ولا شبهة في أنه إذا حلق قبل الوقوف ثم وقف وأتى ببقية الأعمال حصل الحج وكان الحلق ساقطا لعدم إمكانه وإن أثم بفعله في غير محله وتفويته فقد حصل له الحج مع انتفاء الترتيب فليتأمل ا هـ .

                                                                                                                            أقول : ويمكن اندفاع هذه الشبهة بأن يقال : الحلق إنما سقط لعدم شعر برأسه لا لتقدمه على الوقوف ; لأن حلقه قبله لم يقع ركنا ، والإثم إنما هو لترفهه بإزالة الشعر قبل الوقوف ، وهذا كما لو اعتمر وحلق ثم أحرم بالحج عقبه .

                                                                                                                            فلم يكن برأسه شعر بعد دخول وقت الحلق فإن الحلق ساقط عنه ، وليس ذلك اكتفاء بحلق العمرة بل لعدم شعر يزيله ( قوله : الإحرام من الميقات ) أي كون الإحرام من الميقات ، أما نفس الإحرام فركن كما مر ا هـ



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 319 - 321 ] ( فصل ) في بيان أركان الحج والعمرة ( قوله مع عدم جبر تركه بدم ) أي حتى لا يرد نحو الرمي .




                                                                                                                            الخدمات العلمية