الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      في المكاتب يموت ويترك ولدا أو أم ولد فخشي الولد العجز أيبيع أم ولد أبيه أمة كانت أو غيرها قلت : أرأيت المكاتب إذا مات وترك ابنا حدث في الكتابة وأم الولد حية وهي أم ولد المكاتب فخشي الابن العجز أيكون له أن يبيع أمه في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن كانت مع أمه أمهات أولاد للمكاتب فأراد الابن أن يبيع بعضهم إذا خشي العجز أيكون له أن يبيع أيتهن شاء أمه كانت أو غيرها وهل له أن يبيع جميعهن وفي ثمنهن فضل عن الكتابة ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : إذا خيف عليه العجز بيعت أمهم كانت أو غير أمهم إنما ينظر إلى الذي فيه نجاتهم فتباع كانت أمهم أو غيرها ، وأرى أن لا يبيع أمه إذا كان في سواها من أمهات أولاد أبيه كفاف بما يعتق به إلا أن يخاف العجز فيبيع أمه وغيرها .

                                                                                                                                                                                      ابن وهب ، عن يونس ، عن أبي الزناد أنه قال : تباع معهم أم ولد المكاتب في دينه ، فأما ولده فإنهم لسيد المكاتب ; لأن أم ولده من ماله وليس من ولده من ماله .

                                                                                                                                                                                      ابن وهب ، عن يونس ، عن ربيعة أنه قال : في مكاتب اشترى أمة بعد كتابته فولدت له أولادا فأعدم بدين عليه أو عجز عن كتابته أو كانت له يوم كاتب فهي بمنزلة ماله تصير إلى ما يصير إليه ماله من غريم أو سيد إن باعها وإن كانت قد ولدت له ، وإنما تكون عتاقة أم الولد لمن ثبتت حرمته وكان حرا يجوز له ما يجوز للحر في ماله ؟ وإن كاتب على نفسه وولده وأم ولده ثم توفي وكان فيمن كاتب قوة على الاستسعاء سعوا وسعى الكبير على الصغير وذلك لأنهم دخلوا معه في الكتابة فليس لهم أن يعجزوا حتى لا يرجى عندهم شيء .

                                                                                                                                                                                      قال : وإن كان أبوهم ترك مالا فقد كانت لهم معونة ماله وليس لهم أصله إن أفلسوا أو أجرموا جريمة ، فالمال يدفع إلى سيده فيقاضون به من آخر كتابتهم ، فإن أدوا كل ما عليه بعده فلا يدفع إليهم ; لأنه ليس لهم أصله وهو لا يؤمن عليه التلف إذا كان بأيديهم ، فإن كانوا صغارا لا يقوون فهم أرقاء ولسيدهم ذلك المال ، وإن [ ص: 503 ] كان فيهم من يقوى استسعى بقوته وبذات يده على نفسه وعلى من دخل في الكتابة معه وكانت معونة ما ترك أبوهم قصاصا لهم من آخر كتابته .

                                                                                                                                                                                      قال : وإن ترك مالا وسرية قد ولدت ولدا فماتوا فهي والمال لسيده وذلك لأن سيدها توفي وهم على حال من الحرمة لا يجوز لهم عتاقة ، فلذلك لا تعتق ; لأن حرمة ولدها الهالك وسيدها لم تبلغ أن يعتق بمنزلتهم أحد لا ولد ولا أم ولد

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية