الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                [ ص: 27 ] وسئل عن الجمع وما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله ؟

                التالي السابق


                فأجاب : وأما الجمع فإنما كان يجمع بعض الأوقات إذا جد به السير وكان له عذر شرعي . كما جمع بعرفة ومزدلفة وكان يجمع في غزوة تبوك أحيانا كان إذا ارتحل قبل الزوال أخر الظهر إلى العصر ثم صلاهما جميعا وهذا ثابت في الصحيح .

                وأما إذا ارتحل بعد الزوال فقد روي أنه كان يصلي الظهر والعصر جميعا كما جمع بينهما بعرفة وهذا معروف في السنن وهذا إذا كان لا ينزل إلى وقت المغرب كما كان بعرفة لا يفيض حتى تغرب الشمس وأما إذا كان ينزل وقت العصر فإنه يصليها في وقتها فليس القصر كالجمع بل القصر سنة راتبة وأما الجمع فإنه رخصة عارضة ومن سوى من العامة بين الجمع والقصر فهو جاهل بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبأقوال علماء المسلمين .

                فإن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فرقت بينهما والعلماء [ ص: 28 ] اتفقوا على أن أحدهما سنة واختلفوا في وجوبه وتنازعوا في جواز الآخر فأين هذا من هذا وأوسع المذاهب فيالجمع بين الصلاتين مذهب الإمام أحمد فإنه نص على أنه يجوز الجمع للحرج والشغل بحديث روي في ذلك . قال القاضي أبو يعلى وغيره من أصحابنا : يعني إذا كان هناك شغل يبيح له ترك الجمعة والجماعة جاز له الجمع ويجوز عنده وعند مالك وطائفة من أصحاب الشافعي الجمع للمرض ويجوز عند الثلاثة الجمع للمطر بين المغرب والعشاء وفي صلاتي النهار نزاع بينهم ويجوز في ظاهر مذهب أحمد ومالك الجمع للوحل والريح الشديدة الباردة ونحو ذلك .

                ويجوز للمرضع أن تجمع إذا كان يشق عليها غسل الثوب في وقت كل صلاة نص عليه أحمد . وتنازع العلماء في الجمع والقصر : هل يفتقر إلى نية ؟ فقال جمهورهم : لا يفتقر إلى نية وهذا مذهب مالك وأبي حنيفة وأحد القولين في مذهب أحمد وعليه تدل نصوصه وأصوله .

                وقال ا لشافعي وطائفة من أصحاب أحمد : أنه يفتقر إلى نية وقول الجمهور هو الذي تدل عليه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قد بسطت هذه المسألة في موضعها والله أعلم .




                الخدمات العلمية