الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      رجل كاتب عبده فهلك السيد ثم هلك المكاتب قلت : أرأيت لو أن رجلا كاتب عبدا له فهلك السيد ثم هلك المكاتب بعده عن مال كثير فيه فضل عن كتابته وليس معه أحد في كتابته ولا ولد له ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : ما ترك هذا المكاتب من مال فهو موروث بين ورثة سيده على فرائض الله من الرجال والنساء وتدخل زوجة سيده في ذلك فتأخذ ميراثها .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن كانت المسألة على حالها وترك بنتا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : فإن للبنت النصف بعد أداء الكتابة ، والنصف الباقي بين ورثة سيده عند مالك ذكرهم وإناثهم وزوجته وأمه وجميع ورثته لأنهم إنما ورثوا النصف الذي كان لسيده ، فلذلك قسم بين الورثة وبين كل من كان يرثه على فرائض الله

                                                                                                                                                                                      ابن وهب ، عن ابن لهيعة ، عن بكير بن الأشج أنه سمع سليمان بن يسار يقول : إذا كاتب الرجل عبده على نفسه وبنيه فمات وعليه كتابة فإن أنس منهم رشدا دفع إلى بنيه ماله واستسعوا فيما بقي ، وإن لم يؤنس منهم رشدا لم يدفع إليهم مال أبيهم . ابن وهب ، عن مخرمة بن بكير عن أبيه ، قال : سمعت عروة بن الزبير واستفتي في مكاتب توفي وعليه فضل من كتابته وترك بنين له أيأخذون مال أبيهم إن شاءوا ويتمون كتابته ويكونون على نجومه ؟ قال : نعم ، إن اشتغلوا بذلك فإن لهم ذلك إن شاءوا وقال ذلك سليمان بن يسار إذا كانوا أناسا صالحين دفع إليهم ، وإن كانوا أناس سوء لم يدفع إليهم .

                                                                                                                                                                                      ابن لهيعة ، عن خالد بن أبي عمران أنه سأل القاسم وسالما عن مثل ذلك فقالا : إن ترك مالا قضوا عنه وهم أحرار ، وإن لم يترك مالا وقد أنس منهم الرشد سعوا في كتابة أبيهم بلغوا من ذلك ما بلغوا ، وإن كانوا صغارا لم يستأن بالذي للرجل كبرهم يخشى أن يموتوا قبل ذلك فهم له عبيد .

                                                                                                                                                                                      ابن وهب ، عن يونس ، عن أبي الزناد قال : إن كان ولده كلهم صغارا لا قوة لهم بالكتابة ولم يترك أبوهم مالا فإنهم يرقون ، وإن ترك أبوهم مالا أدوا نجومهم عاما بعام . [ ص: 509 ] ابن وهب ، عن محمد بن عمر وعن ابن جريج ، عن عطاء سئل عن ذلك فقال : لا ينتظر كبر ولده بالمال فقيل له : يحمل عنهم بالمال فقال عطاء : لا ، فأين نجوم سيده .

                                                                                                                                                                                      يونس ، عن ابن شهاب قال : أرى أن يقضي دين الناس قبل أن يقضي أهله ، فإن بقي له مال فأهله أحق به ، وإن لم يبق له مال فبنوه ووليدته لأهله .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية