الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        ويعلم الذين يجادلون في آياتنا [35] هذا الاختيار عنده لأنه كلام معطوف بعضه على بعض ، ومثله يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء وكذا قول النابغة :


                                                                                                                                                                                                                                        فإن يهلك أبو قابوس يهلك ربيع الناس والبلد الحرام     ونمسك بعده بذناب عيس
                                                                                                                                                                                                                                        أجب الظهر ليس له سنام



                                                                                                                                                                                                                                        فجزم و"نمسك" على العطف . ويجوز رفعه ونصبه إلا أن الرفع عند سيبويه أجود ، وهي قراءة المدنيين ويعلم الذين على أنه مقطوع مما قبله [ ص: 85 ] مرفوع ، والنصب عنده بعيد ، وهي قراءة الكوفيين ، والصحيحة من قراءة أبي عمرو ، وشبهه سيبويه في البعد بقول الشاعر :


                                                                                                                                                                                                                                        سأترك منزلي لبني تميم     وألحق بالحجاز فأستريحا



                                                                                                                                                                                                                                        إلا أن النصب في الآية أمثل لأنه شرط وهو غير واجب ، وأنشد :


                                                                                                                                                                                                                                        ومن يغترب عن قومه لا يزل يرى     مصارع أقوام مجرا ومسحبا
                                                                                                                                                                                                                                        وتدفن منه الصالحات وإن يسئ     يكن ما أساء النار في رأس كبكبا



                                                                                                                                                                                                                                        فنصب "وتدفن" ولو رفع لكان أحسن . واختار أبو عبيد النصب وشبهه بقوله جل وعز ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين وهما لا يتجانسان ولا يشتبهان لأن "ويعلم" جواب لما فيه النفي فالأولى به النصب وقوله جل وعز ويعلم الذين يجادلون ليس بجواب فيجب نصبه ، وموضع الذين في قوله "ويعلم الناس" موضع رفع بعلم .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية