الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 479 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا ( 60 ) )

وهذا حض من الله تعالى ذكره نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم ، على تبليغ رسالته ، وإعلام منه أنه قد تقدم منه إليه القول بأنه سيمنعه ، من كل من بغاه سوءا وهلاكا ، يقول جل ثناؤه : واذكر يا محمد إذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس قدرة ، فهم في قبضته لا يقدرون على الخروج من مشيئته ، ونحن مانعوك منهم ، فلا تتهيب منهم أحدا ، وامض لما أمرناك به من تبليغ رسالتنا .

وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن المثنى ، قال : ثنا عبد الصمد ، قال : ثنا شعبة ، عن أبي رجاء ، قال : سمعت الحسن يقول : أحاط بالناس عصمك من الناس .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا أبو بكر الهذلي ، عن الحسن ( وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس ) قال : يقول : أحطت لك بالعرب أن لا يقتلوك ، فعرف أنه لا يقتل .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى; وحدثني الحرث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( أحاط بالناس ) قال : فهم في قبضته .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا أبو سفيان ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عروة بن الزبير قوله ( أحاط بالناس ) قال : منعك من الناس . قال معمر ، قال قتادة ، مثله . [ ص: 480 ]

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قوله ( وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس ) قال : منعك من الناس .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس ) أي منعك من الناس حتى تبلغ رسالة ربك .

وقوله ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ) اختلف أهل التأويل في ذلك ، فقال بعضهم :

هو رؤيا عين ، وهي ما رأى النبي صلى الله عليه وسلم لما أسري به من مكة إلى بيت المقدس .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا مالك بن إسماعيل ، قال : ثنا ابن عيينة ، عن عمرو ، عن عكرمة ، عن ابن عباس في قوله ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ) قال : هي رؤيا عين أريها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به ، وليست برؤيا منام .

حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، سئل عن قوله ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ) قال : هي رؤيا عين رآها النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا ابن عيينة ، عن عمرو ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، بنحوه .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام ، قال : ثنا عمرو ، عن فرات القزاز ، عن سعيد بن جبير ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ) قال : كان ذلك ليلة أسري به إلى بيت المقدس ، فرأى ما رأى فكذبه المشركون حين أخبرهم .

حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، عن الحسن ، في قوله ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ) قال : أسري به عشاء إلى بيت المقدس ، فصلى فيه ، وأراه الله ما أراه من الآيات ، ثم أصبح بمكة ، فأخبرهم أنه أسري به إلى بيت المقدس ، فقالوا له : يا محمد ما شأنك ، أمسيت فيه ، ثم أصبحت فينا تخبرنا أنك أتيت بيت المقدس ، فعجبوا من ذلك حتى ارتد بعضهم عن الإسلام . [ ص: 481 ]

حدثنا محمد بن بشار ، قال : ثنا هوذة ، قال : ثنا عوف ، عن الحسن ، في قوله ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ) قال : قال كفار أهل مكة : أليس من كذب ابن أبي كبشة أنه يزعم أنه سار مسيرة شهرين في ليلة .

حدثني أبو حصين ، قال : ثنا عبثر ، قال : ثنا حصين ، عن أبي مالك في هذه الآية ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ) قال : مسيره إلى بيت المقدس .

حدثني أبو السائب ويعقوب ، قالا ثنا ابن إدريس ، عن الحسن بن عبد الله ، عن أبي الضحى ، عن مسروق في قوله ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ) قال : حين أسري به .

حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا أبو أحمد ، قال : ثنا سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ) قال : ليلة أسري به .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ) قال : الرؤيا التي أريناك في بيت المقدس حين أسري به ، فكانت تلك فتنة الكافر .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ) يقول : الله أراه من الآيات والعبر في مسيره إلى بيت المقدس . ذكر لنا أن ناسا ارتدوا بعد إسلامهم حين حدثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بمسيره ، أنكروا ذلك وكذبوا له ، وعجبوا منه ، وقالوا : تحدثنا أنك سرت مسيرة شهرين في ليلة واحدة .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ) قال : هو ما أري في بيت المقدس ليلة أسري به .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك ) قال : أراه الله من الآيات في طريق بيت المقدس حين أسري به ، نزلت فريضة الصلاة ليلة أسري به قبل أن يهاجر بسنة وتسع [ ص: 482 ] سنين من العشر التي مكثها بمكة ، ثم رجع من ليلته ، فقالت قريش : تعشى فينا وأصبح فينا ، ثم زعم أنه جاء الشام في ليلة ثم رجع ، وايم الله إن الحدأة لتجيئها شهرين : شهرا مقبلة ، وشهرا مدبرة .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ) قال : هذا حين أسري به إلى بيت المقدس ، افتتن فيها ناس ، فقالوا : يذهب إلى بيت المقدس ويرجع في ليلة : وقال : " لما أتاني جبرائيل عليه السلام بالبراق ليحملني عليها صرت بأذنيها ، وانقبض بعضها إلى بعض ، فنظر إليها جبرائيل ، فقال : والذي بعثني بالحق من عنده ما ركبك أحد من ولد آدم خير منه ، قال : فصرت بأذنيها وارفضت عرقا حتى سال ما تحتها ، وكان منتهى خطوها عند منتهى طرفها " فلما أتاهم بذلك ، قالوا : ما كان محمد لينتهي حتى يأتي بكذبة تخرج من أقطارها ، فأتوا أبا بكر رضي الله عنه فقالوا : هذا صاحبك يقول كذا وكذا ، فقال : وقد قال ذلك ؟ قالوا : نعم ، فقال : إن كان قد قال ذلك فقد صدق ، فقالوا : تصدقه إن قال ذهب إلى بيت المقدس ورجع في ليلة ؟ فقال أبو بكر : إي ، نزع الله عقولكم ، أصدقه بخبر السماء ، والسماء أبعد من بيت المقدس ، ولا أصدقه بخبر بيت المقدس ؟ قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : إنا قد جئنا بيت المقدس فصفه لنا ، فلما قالوا ذلك ، رفعه الله تبارك وتعالى ومثله بين عينيه ، فجعل يقول : هو كذا ، وفيه كذا ، فقال بعضهم : وأبيكم إن أخطأ منه حرفا ، فقالوا : هذا رجل ساحر .

حدثت عن الحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد بن سليمان ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ) يعني ليلة أسري به إلى بيت المقدس ، ثم رجع من ليلته ، فكانت فتنة لهم .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال . ثنا عيسى; وحدثني الحرث ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن [ ص: 483 ] مجاهد في قوله ( الرؤيا التي أريناك ) قال : حين أسري بمحمد صلى الله عليه وسلم .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، بنحوه .

وقال آخرون : هي رؤياه التي رأى أنه يدخل مكة .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ) قال : يقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أري أنه دخل مكة هو وأصحابه ، وهو يومئذ بالمدينة ، فعجل رسول الله صلى الله عليه وسلم السير إلى مكة قبل الأجل ، فرده المشركون ، فقالت أناس : قد رد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد كان حدثنا أنه سيدخلها ، فكانت رجعته فتنتهم .

وقال آخرون ممن قال : هي رؤيا منام : إنما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في منامه قوما يعلون منبره .

ذكر من قال ذلك : حدثت عن محمد بن الحسن بن زبالة ، قال : ثنا عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد ، قال : ثني أبي ، عن جدي ، قال : رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني فلان ينزون على منبره نزو القردة ، فساءه ذلك ، فما استجمع ضاحكا حتى مات ، قال : وأنزل الله عز وجل في ذلك ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ) . . . . الآية .

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ، قول من قال : عنى به رؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأى من الآيات والعبر في طريقه إلى بيت المقدس ، وبيت المقدس ليلة أسري به ، وقد ذكرنا بعض ذلك في أول هذه السورة .

وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب ، لإجماع الحجة من أهل التأويل على أن [ ص: 484 ] هذه الآية إنما نزلت في ذلك ، وإياه عنى الله عز وجل بها ، فإذا كان ذلك كذلك ، فتأويل الكلام : وما جعلنا رؤياك التي أريناك ليلة أسرينا بك من مكة إلى بيت المقدس ، إلا فتنة للناس : يقول : إلا بلاء للناس الذين ارتدوا عن الإسلام ، لما أخبروا بالرؤيا التي رآها ، عليه الصلاة والسلام وللمشركين من أهل مكة الذين ازدادوا بسماعهم ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم تماديا في غيهم ، وكفرا إلى كفرهم .

كما حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله ( إلا فتنة للناس ) .

وأما قوله ( والشجرة الملعونة في القرآن ) فإن أهل التأويل اختلفوا فيها ، فقال بعضهم : هي شجرة الزقوم .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا مالك بن إسماعيل ، قال : ثنا أبو عبيدة ، عن عمرو ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ( والشجرة الملعونة في القرآن ) قال : شجرة الزقوم .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله ( والشجرة الملعونة في القرآن ) قال : هي شجرة الزقوم ، قال أبو جهل : أيخوفني ابن أبي كبشة بشجرة الزقوم ، ثم دعا بتمر وزبد ، فجعل يقول : زقمني ، فأنزل الله تعالى ( طلعها كأنه رءوس الشياطين ) وأنزل ( ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا ) .

حدثني أبو السائب ويعقوب ، قالا ثنا ابن إدريس ، عن الحسن بن عبيد الله ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ( والشجرة الملعونة في القرآن ) قال : شجرة الزقوم .

حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن الحسن بن عبيد الله ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، مثله .

حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، عن الحسن ، في قوله ( والشجرة الملعونة في القرآن ) فإن قريشا كانوا يأكلون التمر والزبد ، [ ص: 485 ] ويقولون : تزقموا هذا الزقوم . قال أبو رجاء : فحدثني عبد القدوس ، عن الحسن ، قال : فوصفها الله لهم في الصافات .

حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا هوذة ، قال : ثنا عوف ، عن الحسن ، قال : قال أبو جهل وكفار أهل مكة : أليس من كذب ابن أبي كبشة أنه يوعدكم بنار تحترق فيها الحجارة ، ويزعم أنه ينبت فيها شجرة ( والشجرة الملعونة في القرآن ) قال : هي شجرة الزقوم .

حدثني عبد الله بن أحمد بن يونس ، قال : ثنا عبثر ، قال : ثنا حصين ، عن أبي مالك في هذه الآية ( والشجرة الملعونة في القرآن ) قال : شجرة الزقوم .

حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا هشيم ، عن حصين ، عن أبي مالك ، قال في قوله ( والشجرة الملعونة في القرآن ) قال : هي شجرة الزقوم .

حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا عبد الله بن المبارك ، عن رجل يقال له بدر ، عن عكرمة ، قال : شجرة الزقوم .

حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا إسرائيل ، عن فرات القزاز ، قال : سئل سعيد بن جبير عن الشجرة الملعونة ، قال : شجرة الزقوم .

حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا هشيم ، عن عبد الملك العزرمي ، عن سعيد بن جبير ( والشجرة الملعونة ) قال : شجرة الزقوم .

حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم ، بمثله .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى; وحدثني الحارث ، قال : ثني الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( والشجرة الملعونة في القرآن ) قال : الزقوم .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن أبي المحجل ، عن أبي معشر ، عن إبراهيم ، أنه كان يحلف ما يستثني ، أن الشجرة الملعونة : شجرة الزقوم . [ ص: 486 ]

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا إسرائيل ، عن فرات القزاز ، قال : سألت سعيد بن جبير ، عن الشجرة الملعونة في القرآن ، قال : شجرة الزقوم .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا ابن عيينة ، عن عمرو ، عن عكرمة عن ابن عباس ، قال : هي الزقوم .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله ( والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا ) وهي شجرة الزقوم ، خوف الله بها عباده ، فافتتنوا بذلك ، حتى قال قائلهم أبو جهل بن هشام : زعم صاحبكم هذا أن في النار شجرة ، والنار تأكل الشجر ، وإنا والله ما نعلم الزقوم إلا التمر والزبد ، فتزقموا ، فأنزل الله تبارك وتعالى حين عجبوا أن يكون في النار شجرة ( إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم طلعها كأنه رءوس الشياطين ) ، إني خلقتها من النار ، وعذبت بها من شئت من عبادي .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( والشجرة الملعونة في القرآن ) قال : الزقوم; وذلك أن المشركين قالوا : يخبرنا هذا أن في النار شجرة ، والنار تأكل الشجر حتى لا تدع منه شيئا ، وذلك فتنة .

حدثت عن الحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد بن سليمان ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله ( والشجرة الملعونة في القرآن ) قال : شجرة الزقوم .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله ( والشجرة الملعونة في القرآن ) الزقوم التي سألوا الله أن يملأ بيوتهم منها ، وقال : هي الصرفان بالزبد تتزقمه ، والصرفان : صنف من التمر ، قال : وقال أبو جهل : هي الصرفان بالزبد ، وافتتنوا بها .

وقال آخرون : هي الكشوث . [ ص: 487 ]

ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك ، عن ابن أبي ذئب ، عن مولى بني هاشم حدثه ، أن عبد الله بن الحارث بن نوفل ، أرسله إلى ابن عباس ، يسأله عن الشجرة الملعونة في القرآن ؟ قال : هي هذه الشجرة التي تلوي على الشجرة ، وتجعل في الماء ، يعني الكشوثي .

وأولى القولين في ذلك بالصواب عندنا قول من قال : عنى بها شجرة الزقوم ، لإجماع الحجة من أهل التأويل على ذلك ، ونصبت " الشجرة الملعونة " عطفا بها على الرؤيا . فتأويل الكلام إذن : وما جعلنا الرؤيا التي أريناك ، والشجرة الملعونة في القرآن إلا فتنة للناس ، فكانت فتنتهم في الرؤيا ما ذكرت من ارتداد من ارتد ، وتمادي أهل الشرك في شركهم ، حين أخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بما أراه الله في مسيره إلى بيت المقدس ليلة أسري به ، وكانت فتنتهم في الشجرة الملعونة ما ذكرنا من قول أبي جهل والمشركين معه : يخبرنا محمد أن في النار شجرة نابتة ، والنار تأكل الشجر فكيف تنبت فيها ؟

وقوله ( ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا ) يقول : ونخوف هؤلاء المشركين بما نتوعدهم من العقوبات والنكال ، فما يزيدهم تخويفنا إلا طغيانا كبيرا ، يقول : إلا تماديا وغيا كبيرا في كفرهم وذلك أنهم لما خوفوا بالنار التي طعامهم فيها الزقوم دعوا بالتمر والزبد ، وقالوا : تزقموا من هذا .

وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك; وقد تقدم ذكر بعض من قال ذلك ، ونذكر بعض من بقي .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، قال قال ابن جريج ( والشجرة الملعونة ) قال : طلعها كأنه رءوس الشياطين ، والشياطين ملعونون . قال ( والشجرة الملعونة في القرآن ) لما ذكرها زادهم افتتانا وطغيانا ، قال الله تبارك وتعالى ، ( ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية