الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
باب الاختلاف في المكاتب . ( قال ) رضي الله عنه قد بينا في كتاب العتاق الاختلاف بين أبي حنيفة وصاحبيه رحمهم الله فيما إذا اختلف المولى مع المكاتب في مقدار البدل أو جنسه في حكم التحالف ، ثم فرع على [ ص: 65 ] قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى .

( قال ) إذا قال المكاتب كاتبتني على ألف درهم ، وقال المولى : على ألفين فجعل القاضي القول قول المكاتب مع يمينه وألزمه ألف درهم كما هو قول المكاتب ، ثم أقام السيد البينة على أنه كاتبه على ألفين فبينته مقبولة لما فيها من إثبات زيادة المال ، وهو حقه ، ثم إن كان المكاتب لم يؤد شيئا بعد لم يعتق إلا بأداء الألفين لأن الثابت بالبينة كالثابت باتفاق الخصمين ، وإن كان أدى ألفا وأمضى القاضي عتقه ، ثم أقام المولى البينة ، ففي القياس هذا ، والأول سواء ; لأنه تبين بالحجة أن بدل الكتابة ألفان ، وأن القاضي مخطئ في إمضاء عتقه بعد أداء الألف ولكنه استحسن فقال : هو حر وعليه ألف درهم ; لأن القاضي قضى بعتقه بدليل شرعي ، والعتق بعد وقوعه لا يحتمل النقض ، ثم بينة المولى بعد ذلك مقبولة على إثبات الزيادة له في ذمته غير مقبولة على نفي العتق المقضي به إذ ليس من ضرورة وجوب المال على المكاتب بطلان العتق كما لو استحق البدل من المولى ; لأنا قد بينا اختلاف الصحابة رضي الله عنهم في وقت عتق المكاتب .

فمنهم من يقول : يعتق بنفس العقد ، ومنهم من يقول : يعتق بأداء قدر قيمته وقضاء القاضي بعتقه صادف موضع الاجتهاد فكان نافذا فإن أدى المكاتب ألف درهم ولم يخاصمه إلى القاضي حتى أقام المولى البينة على الألفين لم يعتق حتى يؤدي الألف الباقية ; لأنه تبين أن بدل الكتابة ألفان فلا يعتق بأداء بعض المال ، ولما لم يخاصمه إلى القاضي لا يمكن إثبات العتق له محالا به على قضاء القاضي في المجتهدات ; لأن القاضي لم يقض بشيء فلهذا لا يعتق حتى يؤدي جميع المال .

التالي السابق


الخدمات العلمية