الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 415 ] وقوله - عز وجل -: ومصدقا لما بين يدي من التوراة ؛ نصب " مصدقا " ؛ على الحال؛ المعنى: " وجئتكم مصدقا لما بين يدي " ؛ أي: للكتاب الذي أنزل قبلي؛ فهو أمري أن تتبعوني.

                                                                                                                                                                                                                                        ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم وجئتكم بآية من ربكم ؛ أي: لم أحل لكم شيئا بغير برهان؛ فهو حق عليكم اتباعي؛ لأني أنبئكم ببرهان؛ وتحليل طيبات كانت حرمت عليكم؛ فاتقوا الله وأطيعون ؛ أي: اتبعوني؛ قال أبو عبيدة : معنى ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم ؛ قال: معناه: كل الذي حرم عليكم؛ وهذا مستحيل في اللغة؛ وفي التفسير؛ وما عليه العمل؛ فأما استحالته في اللغة فإن " البعض " ؛ و " الجزء " ؛ لا يكون " الكل " ؛ وأنشد في ذلك أبو عبيدة بيتا غلط في معناه؛ وهو قول لبيد :


                                                                                                                                                                                                                                        تراك منزلة إذا لم أرضها ... أو يعتلق بعض النفوس حمامها



                                                                                                                                                                                                                                        قال: المعنى: " أو يعتلق كل النفوس حمامها " ؛ وهذا كلام تستعمله الناس؛ يقول القائل: " بعضنا يعرفك " ؛ يريد: أنا أعرفك؛ فهذا إنما هو تبعيض صحيح؛ وإنما جاءهم عيسى بتحليل ما كان حراما عليهم؛ قال الله - عز وجل -: فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم ؛ وهي نحو الشحوم؛ وما يتبعها في التحريم؛ فأما أن يكون أحل لهم القتل؛ والسرقة؛ والزنا؛ فمحال. [ ص: 416 ] ومعنى: هذا صراط مستقيم أي: هذا طريق الدين مستويا.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية