الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              كتاب اللقيط

                                                                                                                                                                              أجمع عوام أهل العلم على أن اللقيط حر ، روينا هذا القول عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب .

                                                                                                                                                                              8691 - حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا مالك ، عن ابن شهاب قال : حدثني أبو جميلة : أنه وجد منبوذا على عهد عمر بن الخطاب ، فأتاه به فاتهمه عمر ، فأثني عليه خيرا ، فقال عمر : هو حر ، ولك ولاؤه ، ونفقته من بيت المال .

                                                                                                                                                                              8692 - حدثنا علي بن الحسن ، قال : حدثنا عبد الله ، عن سفيان ، عن زهير بن أبي ثابت ، قال : حدثني ذهل بن أوس ، عن تميم بن مسيح : أنه خرج فوجد على بابه [لقيطا] ، فأتى به عليا فألحقه [علي] به . [ ص: 428 ]

                                                                                                                                                                              وبه قال الشعبي والنخعي ، وعمر بن عبد العزيز ، والحكم ، وحماد .

                                                                                                                                                                              وبه قال مالك بن أنس ومن تبعه من أهل المدينة ، وسفيان الثوري ، ومن وافقه من أهل العراق من أصحاب الرأي ، وغيرهم ، وكذلك قال الشافعي ، وإسحاق وكل من لقيته من علماء الأمصار ، وأجمع كل من يحفظ قوله من أهل العلم على أن الطفل الذي يوجد في بلاد المسلمين في طريق من طرقهم أو قباء من أقبيتهم ميتا ، أن غسله ودفنه في مقابر المسلمين يجب عليهم ، ومنع الذين أوجبوا أن يفعل هذا بالطفل الذي ذكرناه أن يدفن أولاد المشركين في مقابر المؤمنين ، وقد احتج بعض من وافق عوام أهل العلم في إثبات الحرية للقيط ، بأن الله عز وجل خلق آدم ، وحصنه من أن يملكه أحد ، وكذلك حواء ، والناس منهما ، قال : فكل ولد آدم أحرار إلا من وقع عليه السبي فملكه المسلمون من أولاد المشركين الذين يقع عليهم السبي فمن لم يكن كذلك فأحكامه أحكام المسلمين ، فليس لأحد أن ينسب اللقيط إلى غير رشده ، ولا له أن يثبت له نسبا بغير علم . [ ص: 429 ]

                                                                                                                                                                              وقد اختلف عن النخعي في هذا الباب ، روينا عنه أنه قال : هو عبد . وروينا عنه أنه قال : هو حر .

                                                                                                                                                                              وروينا عنه رواية ثالثة وهو أن ذلك إلى نية الملتقط ، إن كان نوى أن يكون حرا فهو حر ، وإن كان نوى أن يكون عبدا فهو عبد ، وقد روينا عن عمر بن الخطاب أنه قال للذي التقطه : هو حر ، ولك ولاؤه وعلينا نفقته .

                                                                                                                                                                              8693 - حدثنا الربيع ، قال : أخبرنا الشافعي قال : أخبرنا مالك ، عن ابن شهاب عن سنين أبي جميلة رجل من بني (سليم) أنه وجد منبوذا في زمان عمر بن الخطاب فجاء به إلى عمر بن الخطاب ، فقال : ما حملك على أخذ هذه النسمة . قال : وجدتها ضائعة فأخذتها . فقال عريفي : يا أمير المؤمنين ، إنه رجل صالح . قال : كذاك ؟ قال : نعم . فقال عمر : اذهب فهو حر ولك ولاؤه ، وعلينا نفقته .

                                                                                                                                                                              وروي عن شريح أنه قال للملتقط : ولاؤه لك . وكان مالك [ ص: 430 ] يقول : هذا حر وولاؤه للمسلمين . وكان الشافعي يقول : هو حر [ولا ولاء] له ، وإنما يريد [المسلمون بأنهم خولوا كل] مال لا مالك له ، ولو ورثه المسلمون ، وجب على الإمام أن لا يعطيه أحدا من المسلمين دون أحد .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية