الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قال موسى - عليه السلام - ردعا لهم عن ذلك وإرشادا إلى أن تدبير الله - عز وجل - يغني عن تدبيره: كلا لن يدركوكم إن معي ربي بالحفظ والنصرة سيهدين قريبا إلى ما فيه نجاتكم منهم ونصركم عليهم، ولم يشركهم - عليه السلام - في المعية والهداية إخراجا للكلام على حسب ما أشاروا إليه في قولهم: إنا لمدركون من طلب التدبير منه عليه السلام، وقيل: لما كان - عليه السلام - هو الأصل، وغيره تبع له محفوظون منصورون بواسطته وشرفه وكرامته قال: ( معي ) دون (معنا) وكذا قال: ( سيهدين ) دون سيهدينا، وقيل: قال ذلك جزاء لهم على غفلتهم عن قوله تعالى له - عليه السلام -: أنتما ومن اتبعكما الغالبون حتى خافوا فقالوا ما قالوا، فإن الظاهر أنهم سمعوا ذلك من موسى - عليه السلام - في مدة بقائهم معه في مصر، أو غفلتهم عن عناية الله تعالى بهم حين كانوا مع القبط في مصر، حيث لم يصبهم ما أصابهم من الدم ونحوه من الآيات المقتضية بواسطة حسن الظن إنجاءهم منهم حين أمروا بالخروج فلحقوهم، وكان تأديبه لهم على ذلك بمجرد عدم إشراكهم فيما ذكر لا أنه نفاه عنهم كما يتوهم من تقديم الخبر، فإن تقديمه لأجل الاهتمام بأمر المعية التي هي مدار النجاة المطلوبة، وقيل: للحصر لكن بالنسبة إلى فرعون وجمعه، وقيل على القول الثاني في توجيه عدم إشراكهم: إنه للحصر بالنسبة إليهم أيضا، على معنى: إن معي أولا وبالذات ربي لا معكم كذلك، وقيل: قدمت المعية هنا وأخرت في قوله تعالى: إن الله معنا لأن المخاطب هنا بنو إسرائيل، وهم أغبياء يعرفون الله - عز وجل - بعد النظر والسماع من موسى - عليه السلام - والمخاطب هناك الصديق - رضي الله تعالى عنه - وهو ممن يرى الله تعالى قبل كل شيء، ولاختلاف المقام نظم نبينا - صلى الله عليه وسلم - صاحبه معه في المعية، ولم يقدم له ردعا وزجرا، وخاطبه على نحو مخاطبة الله تعالى له - عليه الصلاة والسلام - عند تسليته بما صورته النهي عن الحزن، وأتى بالاسم الجامع، وهو لفظ الله دون اسم مشعر بصفة واحدة مثلا، ولم يكن كلام موسى - عليه السلام - ومخاطبته لقومه على هذا الطرز، وسبحان من فضل بعض العالمين على بعض.

                                                                                                                                                                                                                                      وزعم بعضهم أن في الكلام حذفا، والتقدير: إن معي وعد ربي، ولذلك قال: ( معي ) دون (معنا) وفيه ما فيه.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية