الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله تعالى : أم يقولون افترى على الله كذبا فإن يشإ الله يختم على قلبك ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته إنه عليم بذات الصدور .

قوله تعالى : أم يقولون افترى على الله كذبا الميم صلة ، والتقدير : أيقولون افترى . واتصل الكلام بما قبل ; لأن الله تعالى لما قال : وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب [ ص: 25 ] وقال : الله الذي أنزل الكتاب بالحق قال إتماما للبيان : أم يقولون افترى على الله كذبا يعني كفار قريش قالوا : إن محمدا اختلق الكذب على الله .

فإن يشإ الله يختم شرط وجوابه ، ( على قلبك ) قال قتادة : يطبع على قلبك فينسيك القرآن ، فأخبرهم الله أنه لو افترى عليه لفعل بمحمد ما أخبرهم به في هذه الآية . وقال مجاهد ومقاتل : إن يشإ الله يربط على قلبك بالصبر على أذاهم حتى لا يدخل قلبك مشقة من قولهم . وقيل : المعنى إن يشأ يزل تمييزك . وقيل : المعنى لو حدثت نفسك أن تفتري على الله كذبا لطبع على قلبك ، قاله ابن عيسى . وقيل : فإن يشإ الله يختم على قلوب الكفار وعلى ألسنتهم وعاجلهم بالعقاب . فالخطاب له والمراد الكفار ، ذكره القشيري . ثم ابتدأ فقال : ويمح الله الباطل قال ابن الأنباري : يختم على قلبك تام . وقال الكسائي : فيه تقديم وتأخير ، مجازه : والله يمحو الباطل ، فحذف منه الواو في المصحف ، وهو في موضع رفع . كما حذفت من قوله : سندع الزبانية ، ويدع الإنسان ولأنه عطف على قوله : يختم على قلبك وقال الزجاج : قوله : أم يقولون افترى على الله كذبا تمام ، وقوله : ويمح الله الباطل احتجاج على من أنكر ما أتى به النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أي : لو كان ما أتى به باطلا لمحاه كما جرت به عادته في المفترين . ويحق الحق أي الإسلام فيثبته ( بكلماته ) أي بما أنزله من القرآن . إنه عليم بذات الصدور عام ، أي : بما في قلوب العباد . وقيل : خاص . والمعنى أنك لو حدثت نفسك أن تفتري على الله كذبا لعلمه وطبع على قلبك .

التالي السابق


الخدمات العلمية