الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا ( 90 ) )

يقول تعالى ذكره : وقال يا محمد ، المشركون بالله من قومك لك : لن نصدقك ، حتى تفجر لنا من أرضنا هذه عينا تنبع لنا بالماء .

وقوله ( ينبوعا ) يفعول من قول القائل : نبع الماء : إذا ظهر وفار ، ينبع وينبع ، وهو ما نبع .

كما حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله ( حتى [ ص: 549 ] تفجر لنا من الأرض ينبوعا ) : أي حتى تفجر لنا من الأرض عيونا : أي ببلدنا هذا .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، قوله ( حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا ) قال : عيونا .

حدثنا محمد ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، مثله .

حدثنا محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( ينبوعا ) قال : عيونا .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .

واختلفت القراء في قراءة قوله ( تفجر ) فروي عن إبراهيم النخعي أنه قرأ ( حتى تفجر لنا ) خفيفة وقوله ( فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا ) بالتشديد ، وكذلك كانت قراء الكوفيين يقرءونها ، فكأنهم ذهبوا بتخفيفهم الأولى إلى معنى : حتى تفجر لنا من الأرض ماء مرة واحدة . وبتشديدهم الثانية إلى أنها تفجر في أماكن شتى ، مرة بعد أخرى ، إذا كان ذلك تفجر أنهار لا نهر واحد والتخفيف في الأولى والتشديد في الثانية على ما ذكرت من قراءة الكوفيين أعجب إلي لما ذكرت من افتراق معنييهما ، وإن لم تكن الأولى مدفوعة صحتها .

التالي السابق


الخدمات العلمية