الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        ولولا أن يكون الناس أمة واحدة [33]

                                                                                                                                                                                                                                        قال الفراء "أن" في موضع رفع ، لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة "بيوتهم" فيه غير قول ، منه أن المعنى أي على بيوتهم ، وقيل : إنه بدل بإعادة الحرف مثل : قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم قال أبو جعفر : وهذا القول أولى بالصواب لأن الحروف لا تنقل عن بابها إلا بحجة يجب التسليم لها وسقف على الجمع قراءة الحسن ومجاهد وأبي رجاء الأعرج وشيبة ونافع [ ص: 108 ] وعاصم والأعمش وحمزة والكسائي ، وأما قراءة أبي عمرو وأبي جعفر وابن كثير وشبل وحميد فسقف على التوحيد . قال أبو جعفر : سقف فيما ذكر أبو عبيد جمع سقف مثل : رهن ورهن ، ورأيت علي بن سليمان ينكر هذا لأنه ليس بجمع فعل مطرد . قال : ورهن جمع رهان مثل حمار وحمر ، ورهان جمع رهن مثل عبد وعباد ، وكذا "سقفا" . وحكى الفراء : أن سقفا جمع سقيفة فأما قراءة من قرأ (لبيوتهم سقفا من فضة) [فتأولها إسماعيل بن إسحاق على أن "من" لواحد ، قال : والمعنى لجعلنا لكل من كفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة] إلا أنه استبعد هذه القراءة ، وحكى أن هذا متناول بعيد ، واستدل على أن القراءة بالجمع أولى؛ لأن بعده ومعارج وسررا وأبوابا فكذا سقف بالجمع أولى . قال أبو جعفر : الذي تأوله بعيد وأولى منه أن يكون سقف بمعنى سقف كما قال جل وعز ثم نخرجكم طفلا وكما قال الشاعر


                                                                                                                                                                                                                                        كلوا في بعض بطنكم تعفوا فإن زمانكم زمن خميص



                                                                                                                                                                                                                                        والأحاديث تدل على أن القراءة سقف ، وكذا نسق الكلام كما حدثنا [ ص: 109 ] بكر بن سهل قال : حدثنا عبد الله بن صالح عن معاوية [بن صالح ] عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله جل وعز ولولا أن يكون الناس أمة واحدة الآية والتي بعدها قال : يقول سبحانه لولا أن جعل الناس كلهم كفارا لجعلت للكفار لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها من فضة وزخرفا قال : ذهبا ، قال سعيد بن جبير والشعبي : لبيوتهم سقفا أي جذوعا فهذا كله يدل على الجمع .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية