الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        الثامنة في وقف المسجد أيجوز أن يبنى من غلته منارة قال في الخانية معزيا إلى أبي بكر البلخي إن كان ذلك من مصلحة المسجد بأن كان أسمع لهم فلا بأس به وإن كان بحال يسمع الجيران الأذان بغير منارة فلا أرى لهم أن يفعلوا ذلك التاسعة وقف على عمارة المسجد على أن ما فضل من عمارته فهو للفقراء فاجتمعت الغلة والمسجد غير محتاج إلى العمارة قال الفقيه أبو بكر تحبس الغلة لأنه ربما يحدث بالمسجد حدث وتصير الأرض بحال لا تغل وقال الفقيه أبو جعفر الجواب كما قال وعندي لو علم أنه لو اجتمع من الغلة مقدار ما يحتاج الأرض والمسجد إلى العمارة يمكن العمارة بها ويفضل تصرف الزيادة على الفقراء على ما شرط الواقف وفي القنية ليس للقيم أن يأخذ ما فضل من وجه عمارة المدرسة دينا ليصرفها إلى الفقراء وإن احتاجوا إليه وفي الخانية والصحيح ما قال الفقيه أبو الليث أنه ينظر إن اجتمع من الغلة مقدار ما لو احتاج الضيعة والمسجد إلى العمارة بعد ذلك يمكن العمارة منها ويبقى شيء تصرف تلك الزيادة إلى الفقراء وريع غلة الوقف للعمارة وثلاثة أرباعها للفقراء لم يجز للقيم أن يصرف ريع العمارة إذا استغنى عنها إلى الفقراء ليسترد ذلك من حصتهم في السنة الثانية . ا هـ .

                                                                                        العاشرة مسجد تهدم وقد اجتمع من غلته ما يحصل به البناء قال الخصاف لا ينفق الغلة في البناء لأن الواقف وقف على مرمتها ولم يأمر بأن يبنى هذا المسجد والفتوى على أنه يجوز البناء بتلك الغلة ولو كان الوقف على عمارة المسجد هل للقيم أن يشتري سلما ليرتقي على السطح لكنس السطح وتطيينه أو يعطى من غلة المسجد أجر من يكنس السطح ويطرح الثلج ويخرج التراب المجتمع من المسجد .

                                                                                        قال أبو نصر للقيم أن يفعل ما في تركه خراب المسجد كذا في الخانية الحادية عشرة حوانيت مال بعضها إلى بعض والأول منها وقف والباقي ملك والمتولي لا يعمر الوقف قال أبو قاسم إن كان للوقف غلة كان لأصحاب الحوانيت أن يأخذوا القيم ليسوي الحائط المائل من غلة الوقف وإن لم يكن للوقف غلة في يد القيم رفعوا الأمر إلى القاضي ليأمر القاضي القيم بالاستدانة على الوقف في إصلاح الوقف وليس له أن يستدين بغير أمر القاضي .

                                                                                        كذا في الخانية الثانية عشرة لو وقف على المساكين ولم يذكر العمارة يبدأ من الغلة بالعمارة وبما يصلحها وبخراجها ومؤنها ثم يقسم الباقي على المساكين فإن كان في الأرض نخل ويخاف القيم هلاكها كان للقيم أن يشتري من غلة الوقف فسيلا فيغرسه كي لا ينقطع فلو كانت قطعة منها سبخة تحتاج إلى رفع وجهها وإصلاحها حتى تنبت كان للقيم أن يبدأ من جملة غلة الأرض في ذلك ويصلح القطعة .

                                                                                        ولو أراد القيم أن يبني في الأرض الموقوفة قرية لأكرتها وحفاظها ليحفظ فيها الغلة ويجمعها كان له أن يفعل ذلك وكذا لو كان الوقف خانا على الفقراء واحتاج إلى خادم يكسح الخان ويقوم به ويفتح بابه ويسده فسلم بعض البيوت إلى رجل أجرة له ليقوم بذلك كان له ذلك وإن أراد قيم الوقف أن يبني في الأرض الموقوفة بيوتا يستغلها بالإجارة لا يكون له ذلك لأن استغلال أرض الوقف يكون بالزرع ولو كانت الأرض متصلة ببيوت المصر يرغب الناس في استئجار بيوتها وتكون غلة ذلك فوق غلة الزرع والنخل كان للقيم أن يبني فيها بيوتا فيؤاجرها لأن الاستغلال بهذا الوجه يكون أنفع للفقراء .

                                                                                        كذا في الخانية الثالثة عشرة لو بنى خانا واحتاج إلى المرمة روي عن محمد أنه يعزل منه بيت أو بيتان فتؤاجر وينفق من غلتها عليه وعنه رواية أخرى إجارة الكل سنة ويسترم منها قال الناطفي قياسه في المسجد أن يجوز إجارة سطحه لمرمته كذا في الظهيرية الرابعة عشرة في فتاوى سمرقند شجرة وقف في دار وقف خربت ليس للمتولي أن يبيع الشجرة ويعمر الدار ولكن يكري الدار ويستعين بالكراء على عمارة [ ص: 234 ] الدار لا بالشجرة كذا في الظهيرية .

                                                                                        الخامسة عشرة هل يجوز الأكل من طعام العملة يوم العمارة قالوا إن حضروا للإرشاد والحث على العمل جاز الأكل وإلا فإن كانوا قليلا جاز وإلا فلا ذكره في الظهيرية في قوم جمعوا الدراهم لعمارة القنطرة وبهذا يعلم جواز أكل الشاد والمهندس معهم السادسة عشرة في البزازية وقد تقرر في فتاوى خوارزم أن الواقف ومحل الوقف أعني الجهة إن اتحدت بأن كان وقفا على المسجد أحدهما إلى العمارة والآخر إلى إمامه أو مؤذنه و الإمام والمؤذن لا يستقر لقلة المرسوم للحاكم الدين أن يصرف من فاضل وقف المصالح والعمارة إلى الإمام والمؤذن باستصواب أهل الصلاح من أهل المحلة إن كان الواقف متحدا لأن غرض الواقف إحياء وقفه وذلك يحصل بما قلنا أما إذا اختلف الواقف أو اتحد الواقف واختلفت الجهة بأن بنى مدرسة ومسجدا وعين لكل وقفا وفضل من غلة أحدهما لا يبدل شرط الواقف .

                                                                                        وكذا إذا اختلف الواقف لا الجهة يتبع شرط الواقف وقد علم بهذا التقرير إعمال الغلتين إحياء للوقف ورعاية لشرط الواقف هذا هو الحاصل من الفتاوى . ا هـ .

                                                                                        وقد علم منه أنه لا يجوز لمتولي الشيخونية بالقاهرة صرف أحد الوقفين للآخر وفي الولوالجية مسجد له أوقاف مختلفة لا بأس للقيم أن يخلط غلتها كلها وإن خرب حانوت منها فلا بأس بعمارته من غلة حانوت آخر لأن الكل للمسجد هذا إذا كان الواقف واحدا وإن كان الواقف مختلفا فكذلك الجواب لأن المعنى يجمعهما ا هـ .

                                                                                        السابعة عشرة في البزازية وإذا انهدم رباط المختلفة وبنى بناء جديدا من كل وجه لا يكون الأولون أولى من غيرهم وإن لم يغير ترتيبه الأول إلا أنه إن زيد أو نقص فالأولون أولى ا هـ .

                                                                                        الثامنة عشرة بنى المتولي في عرصة الوقف من مال الوقف أو من ماله للوقف أو لم يذكر شيئا كان وقفا بخلاف الأجنبي وإن أشهد أنه بناه لنفسه كان ملكا له وإن متوليا كذا في البزازية وغيرها وبه يعلم أن قول الناس العمارة في الوقف وقف ليس على إطلاقه التاسعة عشرة إذا عمل القيم في عمارة المسجد والوقف كعمل الأجير لا يستحق أجرا لأنه لا يجتمع له أجر القوامة وأجر العمل كذا في القنية وسيأتي أيضا العشرون لو انكشف سقف السوق فغلب الحر على المسجد الصيفي لوقوع الشمس فيه فللقيم ستر سقف السوق من مال المسجد بقدر ما يندفع به هذا القدر كذا في القنية .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله فسيلا ) قال في الصحاح والفسيلة والفسيل الودي وهو صغار النخل والجمع الفسلان [ ص: 234 ] ( قوله للحاكم الدين إلخ ) انظر ما كتبناه عن الإسعاف في السادسة ( قوله أو اتحد الواقف واتحدت الجهة ) قال الرملي ومن اختلاف الجهة ما إذا كان الوقف منزلين أحدهما للسكنى والآخر للاستغلال فلا يصرف أحدهما للآخر وهي واقعة الفتوى تأمل ( قوله وكذا إذا اختلف الواقف لا الجهة ) كذا رأيته في عبارة البزازية والظاهر أنه تحريف والأصل والجهة بواو العطف لأنه مكرر بقوله أما إذا اختلف الواقف لأن معناه مع اتحاد الجهة ( قوله وفي الولوالجية مسجد له أوقاف ) قال الرملي لا مخالفة بين ما في الولوالجية والبزازية لأن ما في الولوالجية ضد اتحاد الجهة وتوافق الشرطين من الواقفين تأمل وفي البزازية في الرابع في المسجد وما يتصل به مسجد له أوقاف مختلفة لا بأس للقيم أن يخلط غلتها وإن خرب حانوت فيها لا بأس بعمارته من غلة حانوت آخر اتحد الواقف أو لا . ا هـ .

                                                                                        فهو كما تراه عين ما في الولوالجية ا هـ .

                                                                                        وانظر هذا التوفيق مع قول البزازية الذي قدمه المؤلف وكذا إذا اختلف الواقف لا الجهة يتبع شرط الواقف ( قوله بخلاف الأجنبي ) قال في الأشباه وإن لم يكن متوليا فإنه بإذن المتولي ليرجع فهو وقف وإلا فإن بنى للوقف فوقف وإن لنفسه أو أطلق رفعه لو لم يضر وإن أخر فهو المضيع لماله فليتربص إلى خلاصه وفي بعض الكتب للناظر تملكه بأقل القيمتين [ ص: 235 ] منزوعا وغير منزوع بمال الوقف . ا هـ .

                                                                                        وفي حاشية الحموي قوله فليتربص إلى خلاصه قيل وإذا تربص عليه أجرة المثل على اختيار المتأخرين .




                                                                                        الخدمات العلمية