الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون تسلية للنبيء صلى الله عليه وسلم على ما تضمنه قوله " فكفروا به " وبيان لبعض الوعيد الذي في قوله فسوف يعلمون بمنزلة بدل البعض من الكل ، ولكنه غلب عليه [ ص: 195 ] جانب التسلية فعطف بالواو عطف القصة على القصة .

والكلمة مراد بها الكلام ، عبر عن الكلام بكلمة إشارة إلى أنه منتظم في معنى واحد دال على المقصود دلالة سريعة فشبه بالكلمة الواحدة في سرعة الدلالة وإيجاز اللفظ كقوله تعالى كلا إنها كلمة هو قائلها ، وقول النبيء صلى الله عليه وسلم : أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد :


ألا كل شيء ما خلا الله باطل

وبينت الكلمة بجملة إنهم لهم المنصورون ، أي الكلام المتضمن وعدهم بأن ينصرهم الله على الذين كذبوهم وعادوهم ، وهذه بشارة للنبيء صلى الله عليه وسلم عقب تسليته لأنه داخل في عموم المرسلين .

وعطف وإن جندنا لهم الغالبون بشارة للمؤمنين فإن المؤمنين جند الله ، أي أنصاره لأنهم نصروا دينه وتلقوا كلامه ، كما سموا حزب الله في قوله كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز إلى قوله أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه إلى قوله أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون .

وقوله " لهم الغالبون " يشمل علوهم على عدوهم في مقام الحجاج وملاحم القتال في الدنيا ، وعلوهم عليهم في الآخرة كما قال تعالى والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة فهو من استعمال " الغالبون " في حقيقته ومجازه .

ومعنى " المنصورون " و " الغالبون " في أكثر الأحوال وباعتبار العاقبة ، فلا ينافي أنهم يغلبون نادرا ثم تكون لهم العاقبة ، أو المراد النصر والغلبة الموعود بهما قريبا وهما ما كان يوم بدر .

التالي السابق


الخدمات العلمية