الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          فصل

                                                                                                          ولا يضمن ما أتلفت البهيمة صيد حرم وغيره ، وأطلقه الأصحاب ويتوجه إلا الضاربة ، ولعله مرادهم ، وقد قال شيخنا فيمن أمر رجلا بإمساكها ضمنه إن لم يعلمه بها .

                                                                                                          وفي الفصول : من أطلق كلبا عقورا أو دابة رفوسا أو عضوضا على الناس وخلاه في طريقهم ومصاطبهم ورحابهم فأتلف مالا أو نفسا ضمن ، لتفريطه وكذا إن كان له طائر جارح كالصقر والبازي فأفسد طيور الناس وحيواناتهم .

                                                                                                          وفي الانتصار أن البهيمة الصائلة يلزم مالكها وغيره إتلافها ، وكذا في عيون المسائل : إذا عرفت البهيمة بالصول يجب على مالكها قتلها ، وعلى الإمام وعلى غير الإمام إذا صالت ، على وجه المعروف ، ومن وجب قتله على وجه المعروف لم يضمن ، كمرتد ، وإطلاق الأصحاب رحمهم الله بأنه لا يضمن ما أتلفته بهيمة لا يد عليها ظاهرة ولو كانت مغصوبة ، لظاهر الخبر ، وعلل الأصحاب المسألة بأنه لا تفريط من المالك ، ولا ذمة لها فيتعلق بها ، ولا قصد فيتعلق برقبتها ، بخلاف الطفل الصغير والعبد ، وتبين ذلك أنهم [ ص: 522 ] ذكروا جناية العبد المغصوب ، وأن الغاصب يضمنها ، قالوا : لأن جنايته تتعلق برقبته فضمنها ، لأنه نقص حصل في يد المغصوب ، فهذا التخصيص وتعليله يقتضي خلافه في البهيمة ، وهذا فيه نظر ، ولهذا قال ابن عقيل في جنايات البهائم : لو نقب لص وترك النقب فخرجت منه البهيمة ضمنها وضمن ما تجني بإفلاتها وتخليها ، وقد يحتمل إن جازها وتركها بمكان ضمن لتعديه بتركها فيه ، بخلاف ما لو تركها بمكانها وقت الغصب ، وفيه نظر ، لهذا قال الأصحاب في نقل التراب من الأرض المغصوبة : إن أراده الغاصب وأبى المالك فللغاصب ذلك مع غرض صحيح ، مثل أن كان نقله إلى ملك نفسه ، فينقله لينتفع بالمكان ، أو كان طرحه في طريق فيضمن ما يتجدد به من جناية على آدمي أو بهيمة ولا يملك ذلك بلا غرض صحيح ، مثل أن كان نقله إلى ملك المالك أو طرف الأرض التي حفرها ، ويفارق طم البئر ، لأنه لا ينفك عن غرض لأنه يسقط ضمان جناية الحفر ، زاد ابن عقيل ولعله معنى كلام بعضهم أو جناية الغير بالتراب .

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          الخدمات العلمية