الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
[ ص: 141 ] باب مواقيت الصلاة

( اعلم ) أن الصلاة فرضت لأوقاتها قال الله تعالى { أقم الصلاة لدلوك الشمس } ولهذا تكرر وجوبها بتكرار الوقت وتؤدى في مواقيتها قال الله تعالى { إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا } أي فرضا مؤقتا وقال صلى الله عليه وسلم { من حافظ على الصلوات الخمس في مواقيتها كان له عند الله عهدا يغفر له يوم القيامة وتلا قوله تعالى { إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا } }

. وللمواقيت إشارة في كتاب الله تعالى { فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون } أي صلوا لله فقوله حين تمسون المراد به العصر ، وعند بعضهم المغرب ، وحين تصبحون الفجر ، وعشيا العشاء ، وحين تظهرون الظهر ، وقال الله تعالى { أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر } قال ابن عباس رضي الله تعالى عنه دلوك الشمس الزوال فالمراد به الظهر وقال ابن مسعود رضي الله تعالى عنه دلوكها غروبها والمراد المغرب ، إلى غسق الليل العشاء ، وقرآن الفجر صلاة الفجر ، وقال الله تعالى { حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى } وهو العصر وقال الله تعالى { أقم الصلاة طرفي النهار } وقال الحسن الفجر وزلفا من الليل

، قال محمد بن كعب رضي الله تعالى عنه المغرب والعشاء ثم بدأ ببيان وقت الفجر ; لأنه متفق عليه لم يختلفوا في أوله ولا في آخره .

قال ( وقت صلاة الفجر من حين يطلع الفجر المعترض في الأفق إلى طلوع الشمس ) والفجر فجران كاذب تسميه العرب ذنب السرحان وهو البياض الذي يبدو في السماء طولا ويعقبه ظلام ، والفجر الصادق وهو البياض المنتشر في الأفق فبطلوع الفجر الكاذب لا يدخل وقت الصلاة ولا يحرم الأكل على الصائم ما لم يطلع الفجر الصادق لقوله صلى الله عليه وسلم { لا يغرنكم الفجر المستطيل ولكن كلوا واشربوا حتى يطلع الفجر المستطير } يعني المنتشر في الأفق

، وقال الفجر هكذا ومد يده عرضا لا هكذا ومد يده طولا . والأصل حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أمني جبريل عليه السلام عند البيت فصلى بي الفجر في اليوم الأول حين طلع الفجر وفي اليوم الثاني حين أسفر جدا ثم قال ما بين هذين وقت لك ولأمتك وهو وقت الأنبياء قبلك } وفي حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { إن للصلاة أولا وآخرا وإن أول وقت الفجر حين يطلع الفجر وآخره حين تطلع الشمس } وفي حديث [ ص: 142 ] أبي موسى رضي الله عنه { أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مواقيت الصلاة فلم يجبه ولكنه صلى الفجر في اليوم الأول حين طلع الفجر وفي اليوم الثاني حين كادت الشمس تطلع ثم قال أين السائل عن الوقت الوقت بين هذين } والدليل على أن آخر الوقت حين تطلع الشمس قوله صلى الله عليه وسلم { من أدرك ركعة من الفجر قبل طلوع الشمس فقد أدرك } وفي حديث جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال قال صلى الله عليه وسلم { إنكم سترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا ثم تلا قوله تعالى { وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها } }

التالي السابق


الخدمات العلمية