الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا ( 35 ) وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا ( 36 ) )

يقول تعالى ذكره : هذا الذي جعلنا له جنتين من أعناب ( دخل جنته ) وهي بستانه ( وهو ظالم لنفسه ) وظلمه نفسه : كفره بالبعث ، وشكه في قيام الساعة ، ونسيانه المعاد إلى الله تعالى ، فأوجب لها بذلك سخط الله وأليم عقابه ، وقوله : ( قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا ) يقول جل ثناؤه : قال لما عاين جنته ، ورآها وما فيها من الأشجار والثمار والزروع والأنهار المطردة شك في المعاد إلى الله : ما أظن أن تبيد هذه الجنة أبدا ، ولا تفنى ولا تخرب ، وما أظن الساعة التي وعد الله خلقه الحشر فيها تقوم فتحدث ، ثم تمنى أمنية أخرى على شك منه ، فقال : ( ولئن رددت إلى ربي ) فرجعت إليه ، وهو غير موقن أنه راجع إليه ( لأجدن خيرا منها منقلبا ) يقول : لأجدن خيرا من جنتي هذه عند الله إن رددت إليه مرجعا ومردا ، يقول : لم يعطني هذه الجنة في الدنيا إلا ولي عنده أفضل منها في المعاد إن رددت إليه .

كما حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في [ ص: 23 ] قوله : ( وما أظن الساعة قائمة ) قال : شك ، ثم قال : ( ولئن ) كان ذلك ثم ( رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا ) ما أعطاني هذه إلا ولي عنده خير من ذلك .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا وما أظن الساعة قائمة ) كفور لنعم ربه ، مكذب بلقائه : متمن على الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية