الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      باب الهدنة ( وهي ) لغة السكون وشرعا ( العقد على ترك القتال مدة معلومة ) بقدر الحاجة فإن زادت بطلت في الزيادة فقط والأصل فيها قوله تعالى { وإن جنحوا للسلم فاجنح لها } ومن السنة ما روى مروان بن الحكم والمسور بن مخرمة { أن النبي صلى الله عليه وسلم صالح قريشا على وضع القتال عشر سنين } والمعنى يقتضي ذلك .

                                                                                                                      ; لأنه يكون بالمسلمين ضعف ، فيهادنونهم حتى يقووا بعوض منهم أو منا عند الضرورة كما يأتي ( وبغير عوض ) بحسب المصلحة لفعله صلى الله عليه وسلم ( وتسمى مهادنة وموادعة ) من الدعة وهي الترك .

                                                                                                                      ( ومعاهدة ) من العهد بمعنى الأمان ( ومسالمة ) من السلم بمعنى الصلح ( ولا يصح عقدها إلا من إمام أو نائبه ) ; لأنه يتعلق بنظر واجتهاد وليس غيرهما محلا لذلك لعدم ولايته .

                                                                                                                      ولو جوز ذلك للآحاد لزم تعطيل الجهاد ( ويكون العقد ) أي : عقد الهدنة ( لازما ) لا يبطل بموت الإمام أو نائبه ولا عزله ، بل يلزم الثاني إمضاؤه لئلا ينقض الاجتهاد بالاجتهاد ويستمر ما لم ينقضه الكفار بقتال أو غيره .

                                                                                                                      ( ويلزمه ) أي : الإمام أو نائبه ( الوفاء بها ) أي : بالهدنة للزومها ( فإن هادنهم ) أي : الكفار ( غيرهما ) أي : غير الإمام أو نائبه ( لم تصح ) الهدنة لما سبق .

                                                                                                                      ( ولا تصح ) الهدنة ( إلا حيث جاز [ ص: 112 ] تأخير الجهاد ) لمصلحة ( فمتى رأى ) الإمام أو نائبه ( المصلحة في عقدها لضعف في المسلمين عن القتال ، أو لمشقة الغزو أو لطمعه في إسلامهم ، أو في أدائهم الجزية أو غير ذلك ) من المصالح ( جاز ) له عقدها ; لأنه صلى الله عليه وسلم " هادن قريشا لكن قوله : لطمعه في إسلامهم رواية قطع بها في شرح المنتهى وغيره والثانية لا يجوز عقدها لذلك ويقتضي كلامه في الإنصاف أنها صحيحة ; لأنه صحح أنه لا يجوز عقدها إلا حيث يجوز تأخير الجهاد ، كما هو صدر عبارة المصنف وقد تقدم أنه لا يجوز تأخير الجهاد لذلك على الصحيح .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية