الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                وسئل عن رجل يصلي وقتا ويترك الصلاة كثيرا أو لا يصلي هل يصلى عليه ؟ .

                التالي السابق


                فأجاب : مثل هذا ما زال المسلمون يصلون عليه بل المنافقون الذين يكتمون النفاق يصلي المسلمون عليهم ويغسلون وتجري عليهم أحكام الإسلام . كما كان المنافقون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم

                . وإن كان علم نفاق شخص لم يجز له أن يصلي عليه كما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة على من علم نفاقه .

                وأما من شك في حاله فتجوز الصلاة عليه إذا كان ظاهر الإسلام . كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم على من لم ينه عنه وكان فيهم من لم يعلم نفاقه . كما قال تعالى : { وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم } ومثل هؤلاء لا يجوز النهي [ ص: 288 ] عنه ولكن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين على المنافق لا تنفعه . كما { قال النبي صلى الله عليه وسلم - لما ألبس ابن أبي قميصه وما يغني عنه قميصي من الله } وقال تعالى : { سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم } .

                وتارك الصلاة أحيانا وأمثاله من المتظاهرين بالفسق فأهل العلم والدين إذا كان في هجر هذا وترك الصلاة عليه منفعة للمسلمين بحيث يكون ذلك باعثا لهم على المحافظة على الصلاة عليه [ هجروه ولم يصلوا عليه ] كما ترك النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة على قاتل نفسه والغال والمدين الذي لا وفاء له وهذا شر منهم .



                وقال شيخ الإسلام رحمه الله فصل : قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه امتنع عن الصلاة على من عليه دين حتى يخلف وفاء قبل أن يتمكن من وفاء الدين عنه فلما تمكن صار هو يوفيه من عنده فصار المدين يخلف وفاء . [ ص: 289 ] هذا مع قوله فيما رواه أبو موسى عنه : { إن أعظم الذنوب عند الله أن يلقاه عبد بها بعد الكبائر التي نهى عنها أن يموت الرجل وعليه دين لا يدع قضاء } رواه أحمد . فثبت بهذا أن ترك الدين بعد الكبائر .

                فإذا كان قد ترك الصلاة على المدين الذي لا قضاء له فعلى فاعل الكبائر أولى ويدخل في ذلك قاتل نفسه والغال : لما لم يصل عليهما . ويستدل بذلك على أنه يجوز لذوي الفضل ترك الصلاة على ذوي الكبائر الظاهرة والدعاة إلى البدع وإن كانت الصلاة عليهم جائزة في الجملة .

                فأما قوله : { الشهيد يغفر له كل شيء إلا الدين } فأراد به أن صاحبه يوفاه .




                الخدمات العلمية