الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( فصل ) :

                                                                                                                                وأما شرائط جواز القسمة فأنواع : بعضها يرجع إلى القاسم ، وبعضها يرجع إلى المقسوم ، وبعضها يرجع إلى المقسوم له .

                                                                                                                                ( أما ) الذي يرجع إلى القاسم فنوعان : نوع هو شرط الجواز ونوع : هو شرط الاستحباب أما شرائط الجواز فأنواع : منها العقل ، فلا تجوز قسمة المجنون والصبي الذي لا يعقل ; لأن العقل من شرائط أهلية التصرفات الشرعية ، فأما البلوغ فليس بشرط لجواز القسمة حتى تجوز قسمة الصبي الذي يعقل القسمة بإذن وليه ، وكذلك الإسلام والذكورة والحرية ليست بشرط لجواز القسمة ، فتجوز قسمة الذمي والمرأة والمكاتب والمأذون ; لأن هؤلاء من أهل البيع فكانوا من أهل القسمة ، والله سبحانه وتعالى أعلم .

                                                                                                                                ( ومنها ) الملك والولاية ، فلا تجوز القسمة بدونهما أما الملك فالمعني به : أن يكون القاسم مالكا فيقسم الشركاء بالتراضي .

                                                                                                                                وأما الولاية فنوعان : ولاية قضاء ، وولاية قرابة ، إلا أن شرط ولاية القضاء الطلب ، فيقسم القاضي وأمينه على الصغير والكبير ، والذكر والأنثى ، والمسلم والذمي ، والحر والعبد ، والمأذون والمكاتب ، عند طلب الشركاء كلهم أو بعضهم - على ما نذكره - ولا يشترط ذلك في ولاية القرابة ، فيقسم الأب ووصيه ، والجد ووصيه ، على الصغير والمعتوه ، من غير طلب أحد ، والأصل فيه أن كل من له ولاية البيع فله ولاية القسمة ، ومن لا فلا ، ولهؤلاء ولاية البيع فكانت لهم ولاية القسمة ، وكذا القاضي له ولاية بيع مال الصغير والكبير في الجملة ، فكان له ولاية القسمة في الجملة .

                                                                                                                                ( وأما ) وصي الأم ووصي الأخ والعم فيقسم المنقول دون العقار ; لأن له ولاية بيع المنقول دون العقار ، وفي وصي المكاتب إذا مات عن وفاء أنه هل يقسم ؟ فيه روايتان ، وهذا كله يقرر ما قلنا : إن معنى المبادلة لازم في القسمة ، حيث جعل سبيله سبيل البيع في الولاية ، ولا يقسم وصي الميت على الموصى له ; لانعدام ولايته عليه ، وكذا لا يقسم الورثة عليه ; لانعدام ولايتهم عليه ; لأن الموصى له كواحد من الورثة ، ولا يقسم بعض الورثة على بعض ; لانعدام الولاية فلا يقسمون على الموصى له ، ولو اقتسموا وهو غائب نقضت قسمتهم ، لكن هذا إذا كانت القسمة بالتراضي ، فإن [ ص: 19 ] كانت بقضاء القاضي - تنفذ ولا تنقض ; لما نذكره في موضعه ، إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية