الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبا ( 60 ) )

يقول عز ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم : واذكر يا محمد إذ قال موسى بن عمران لفتاه يوشع : ( لا أبرح ) يقول : لا أزال أسير ( حتى أبلغ مجمع البحرين ) .

كما حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( لا أبرح ) قال : لا أنتهي ، وقيل : عنى بقوله : ( مجمع البحرين ) اجتماع بحر فارس والروم ، والمجمع : مصدر من قولهم : جمع يجمع .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( حتى أبلغ مجمع البحرين ) والبحران : بحر فارس وبحر الروم ، وبحر الروم مما يلي المغرب ، وبحر فارس مما يلي المشرق .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، قوله : ( مجمع البحرين ) قال : بحر فارس ، وبحر الروم .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ( مجمع البحرين ) قال : بحر الروم ، وبحر فارس ، أحدهما قبل المشرق ، والآخر قبل المغرب .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قال : ( مجمع البحرين ) . [ ص: 56 ]

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يحيى بن الضريس قال : ثنا أبو معشر ، عن محمد بن كعب ، في قوله : ( لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين ) قال : طنجة .

وقوله : ( أو أمضي حقبا ) يقول : أو أسير زمانا ودهرا ، وهو واحد ، ويجمع كثيره وقليله : أحقاب وقد تقول العرب : كنت عنده حقبة من الدهر : ويجمعونها حقبا . وكان بعض أهل العربية يوجه تأويل قوله ( لا أبرح ) : أي لا أزول ، ويستشهد لقوله ذلك ببيت الفرزدق :


فما برحوا حتى تهادت نساؤهم ببطحاء ذي قار عياب اللطائم



يقول : ما زالوا .

وذكر بعض أهل العلم بكلام العرب ، أن الحقب في لغة قيس : سنة ، فأما أهل التأويل فإنهم يقولون في ذلك ما أنا ذاكره ، وهو أنهم اختلفوا فيه ، فقال بعضهم : هو ثمانون سنة .

ذكر من قال ذلك : حدثت عن هشيم ، قال : ثنا أبو بلج ، عن عمرو بن ميمون ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : الحقب : ثمانون سنة .

وقال آخرون : هو سبعون سنة .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ( أو أمضي حقبا ) قال : سبعين خريفا .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

وقال آخرون في ذلك ، بنحو الذي قلنا .

ذكر من قال ذلك :

حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني [ ص: 57 ] معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : ( أو أمضي حقبا ) قال : دهرا .

حدثنا أحمد بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله ( حقبا ) قال : الحقب : زمان .

حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( أو أمضي حقبا ) قال : الحقب : الزمان .

التالي السابق


الخدمات العلمية