الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                36 - وأما الجهل فحقيقته 37 - عدم العلم عما من شأنه العلم ; [ ص: 297 ] فإن قارن اعتقاد النقيض فهو مركب ، 39 - وهو المراد بالشعور بالشيء على خلاف ما هو به 40 - وإلا فبسيط وهو المراد بعدم الشعور

                التالي السابق


                ( 36 ) قوله : وأما الجهل فحقيقته إلخ . قيل اعتقاد الشيء على خلاف ما هو به واعترض بأنه يستلزم كون المعدوم شيئا إذ الجهل يتحقق بالمعدوم كما يتحقق بالموجود أو كون المعدوم غير داخل في الحد ، وكلامهما فاسد كذا في الكشف الصغير . أقول هذا الاعتراض إنما يتم على مذهب أهل السنة والجماعة القائلين بأن المعدوم ليس بشيء أما على مذهب المعتزلة فلا . ويحتمل أن القائل بهذا التعريف معتزلي وحينئذ لا يتوجه الاعتراض . ( 37 ) قوله : عدم العلم عما من شأنه العلم . أي أن يعلم ; فعلى هذا لا يقال للحجر والحائط جاهل ; لأن العلم ليس شأنهما فيكون التقابل بينهما تقابل العدم والملكة ، وإن لم يعتبر قيد عما من شأنه يكون الحجر والحائط جاهلين فالتقابل بينهما تقابل النفي والإثبات ، وقيل : إنه صفة تضاد العلم في محل قابل له فهو وجودي والتقابل بينهما تقابل التضاد ، وهو بهذا المعنى نظري فليس بعيب ويمكن إزالته بالتعلم وإنما العيب في التقصير في إزالته قال المتنبي :

                ولم أر في عيوب الناس عيبا كنقص القادرين على التمام

                وقال الشاعر :

                فاجهد بنفسك واستكمل فضائلها فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان



                [ ص: 297 ] قوله : فإن قارن اعتقاد النقيض فمركب .

                بأن اعتقد أنه عالم اعتقادا غير مطابق .

                ( 39 ) قوله : وهو المراد بالشعور بالشيء إلخ .

                أقول : وحده بعضهم بأنه اعتقاد جازم غير مطابق للواقع مع اعتقاد المطابقة وهو عيب لا يمكن إزالته بالتعلم ; لأن صاحبه يعتقد أنه عالم فلا يشتغل بالتعلم وعلى تقسيم الجهل إلى مركب وبسيط قال الشاعر :

                قال حمار الحكيم يوما لو أنصفوني لكنت أركب
                ; لأنني جاهل بسيط وراكبي جهله مركب

                وقال المتنبي :

                ومن جاهل لي وهو يجهل جهله ويجهل علمي أنه بي جاهل

                ( 40 ) قوله : وإلا فبسيط إلخ .

                وذلك كما إذا قيل لك أنت تعلم عدد شعر رأسك أو تجهله فتقول أجهله فإذا قيل لك أنت تعلم أنك جاهل بذلك فتقول نعم




                الخدمات العلمية