الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      وألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب يا موسى لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون

                                                                                                                                                                                                                                      وألق عطف على بورك منتظم معه في سلك تفسير النداء ، أي : نودي أن بورك وأن ألق عصاك حسبما نطق به قوله تعالى : وأن ألق عصاك بتكرير حرف التفسير كما تقول : كتبت إليه أن حج وأن اعتمر وإن شئت أن حج واعتمر .

                                                                                                                                                                                                                                      والفاء في قوله تعالى : فلما رآها تهتز فصيحة تفصح عن جملة قد حذفت ثقة بظهورها ودلالة على سرعة وقوع مضمونها كما في قوله تعالى : فلما رأينه أكبرنه بعد قوله تعالى : اخرج عليهن كأنه قيل : فألقاها فانقلب حية تسعى فأبصرها فلما أبصرها متحركة بسرعة واضطراب .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : كأنها جان أي : حية خفيفة سريعة الحركة جملة حالية ، إما من مفعول رأى مثل تهتز كما أشير إليه ، أو من ضمير تهتز على طريقة التداخل . وقرئ : "جأن" على لغة من جد في الهرب من التقاء الساكنين .

                                                                                                                                                                                                                                      ولى مدبرا من الخوف ولم يعقب أي : لم يرجع على عقبه من عقب المقاتل : إذا كر بعد الفر ، وإنما اعتراه الرعب لظنه أن ذلك لأمر أريد به كما ينبئ عنه قوله تعالى : يا موسى لا تخف أي : من غيري ثقة بي أو مطلقا لقوله تعالى : إني لا يخاف لدي المرسلون فإنه يدل على نفي الخوف عنهم مطلقا لكن لا في جميع الأوقات بل حين يوحى إليهم كوقت الخطاب فإنهم حينئذ مستغرقون في مطالعة شئون الله عز وجل لا يخطر ببالهم خوف من أحد أصلا ، وأما في سائر الأحيان فهم أخوف الناس منه سبحانه ، أو لا يكون لهم عندي سوء عاقبة ليخافوا منه .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية