الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب لا يعطى الجزار من الهدي شيئا

                                                                                                                                                                                                        1629 حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان قال أخبرني ابن أبي نجيح عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي رضي الله عنه قال بعثني النبي صلى الله عليه وسلم فقمت على البدن فأمرني فقسمت لحومها ثم أمرني فقسمت جلالها وجلودها قال سفيان وحدثني عبد الكريم عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي رضي الله عنه قال أمرني النبي صلى الله عليه وسلم أن أقوم على البدن ولا أعطي عليها شيئا في جزارتها

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب لا يعطي الجزار من الهدي شيئا ) فاعل " يعطي " محذوف أي صاحب الهدي ، والجزار منصوب على المفعولية وروي بفتح الطاء ، والجزار بالرفع .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أخبرنا سفيان ) هو الثوري .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن عبد الرحمن ) سيأتي في الباب الذي بعده التصريح بالإخبار بين مجاهد ، وعبد الرحمن وبين عبد الرحمن و علي .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال سفيان ) هو المذكور بالإسناد المذكور وليس معلقا ، وقد وصله النسائي قال " أخبرنا إسحاق بن منصور حدثنا عبد الرحمن هو ابن مهدي حدثنا سفيان " وعبد الكريم المذكور هو الجزري كما في الرواية التي في الباب بعده .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فقمت على البدن ) أي التي أرصدها للهدي وفي الرواية الأخرى " أن أقوم على البدن " أي عند نحرها للاحتفاظ بها ويحتمل أن يريد ما هو أعم من ذلك أي على مصالحها في علفها ورعيها وسقيها وغير ذلك ، ولم يقع في هذه الرواية عدد البدن لكن وقع في الرواية الثالثة أنها مائة بدنة ، ولأبي داود من طريق ابن إسحاق ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : نحر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثين بدنة وأمرني فنحرت سائرها . وأصح منه ما وقع عند مسلم في حديث جابر الطويل فإن فيه : ثم انصرف النبي صلى الله عليه وسلم إلى المنحر فنحر ثلاثا وستين بدنة ثم أعطى عليا فنحر ما غبر وأشركه في هديه ثم أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر فطبخت فأكلا من لحمها وشربا من مرقها . فعرف بذلك أن البدن كانت مائة بدنة وأن النبي [ ص: 650 ] صلى الله عليه وسلم نحر منها ثلاثا وستين ونحر علي الباقي ، والجمع بينه وبين رواية ابن إسحاق أنه صلى الله عليه وسلم نحر ثلاثين ثم أمر عليا أن ينحر فنحر سبعا وثلاثين مثلا ثم نحر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثا وثلاثين ، فإن ساغ هذا الجمع وإلا فما في الصحيح أصح .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ولا أعطي عليها شيئا في جزارتها ) وكذا قوله في الرواية التي في الباب بعده : ( ولا يعطي في جزارتها شيئا ظاهرهما أن لا يعطي الجزار شيئا ألبتة ، وليس ذلك المراد بل المراد أن لا يعطي الجزار منها شيئا كما وقع عند مسلم ، وظاهره مع ذلك غير مراد بل بين النسائي في روايته من طريق شعيب بن إسحاق ، عن ابن جريج أن المراد منع عطية الجزار من الهدي عوضا عن أجرته ، ولفظه " ولا يعطي في جزارتها منها شيئا " واختلف في الجزارة فقال ابن التين : الجزارة بالكسر اسم للفعل وبالضم اسم للسواقط ، فعلى هذا فينبغي أن يقرأ بالكسر وبه صحت الرواية ، فإن صحت بالضم جاز أن يكون المراد لا يعطي من بعض الجزور أجرة الجزار ، وقال ابن الجوزي وتبعه المحب الطبري : الجزارة بالضم اسم لما يعطى كالعمالة وزنا ومعنى وقيل : هو بالكسر كالحجامة والخياطة . وجوز غيره الفتح ، وقال ابن الأثير : الجزارة بالضم كالعمالة ما يأخذه الجزار من الذبيحة عن أجرته ، وأصلها أطراف البعير - الرأس واليدان والرجلان - سميت بذلك لأن الجزار كان يأخذها عن أجرته .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية