الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان التقدير : فأرسلت بالهدية ، وهي فيما يقال خمسمائة [ ص: 161 ] غلام مرد ، زينتهم بزي الجواري ، وأمرتهم بتأنيث الكلام ، وخمسمائة جارية في زي الغلمان ، وأمرتهم بتغليظ الكلام ، وجزعة معوجة الثقب ، ودرة غير مثقوبة [وغير ذلك] ، وسألته أن يميز بين الغلمان والجواري ، وأن يثقب الدرة ، وأن يدخل في الجزعة خيطا ، فأمرهم بغسل الوجوه والأيدي ، فكانت الجارية تأخذ الماء بإحدى يديها ثم تنقله إلى الأخرى ثم تضرب الوجه وتصب الماء على باطن ساعدها صبا ، وكان الغلام كما يأخذ الماء يضرب به وجهه ويصب الماء على ظهر الساعد ويحدره على يديه حدرا ، وأمر الأرضة فثقبت الدرة ، والدودة فأدخلت السلك في الثقب المعوج ، رتب عليه قوله مشيرا بالفاء إلى سرعة الإرسال : فلما جاء أي : الرسول الذي بعثته وأرسلته ، والمراد به الجنس; قال أبو حيان : وهو يقع على الجمع والمفرد والمذكر والمؤنث.

                                                                                                                                                                                                                                      سليمان فدفع إليه ذلك قال أي : سليمان عليه السلام للرسول ولمن في خدمته استصغارا لما معه : أتمدونن أي : أنت ومن معك ومن أرسلك بمال [وإنما قصدي لكم لأجل الدين] ، تحقيرا لأمر الدنيا وإعلاما بأنه لا التفات [ ص: 162 ] له نحوها بوجه ، ولا يرضيه شيء دون طاعة الله ، ثم سبب عنه ما أوجب له استصغار ما معه فقال : فما آتاني الله أي : الملك الأعظم الذي له جميع الكمال من المال والجلال بالنبوة والملك والقرب منه سبحانه ، وهو الذي يغني مطيعه عن كل ما سواه ، فمهما سأله أعطاه ، وذلك أنه صف الشياطين والإنس والسباع والوحش والطير والهوام صفوفا فراسخ عدة ، وبسط المكان كله بلين الذهب إلى غير ذلك مما يليق به خير مما آتاكم أي : من [الملك] الذي لا نبوة فيه ، ولا تأييد من الله.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان التقدير : ولكنكم لا تعلمون أن هديتكم مما يزهد فيه لتقيدكم بظاهر [من] الحياة الدنيا ، نسق عليه قوله : بل أنتم أي : بجهلكم لذلك تستعظمون ما أنتم فيه ، فأنتم بهديتكم تفرحون بتجويزكم أن الدنيا تردني عنكم لأنها غاية قصدي ، ويجوز أن يراد أنكم تفرحون بما يهدي إليكم فتتركون من كنتم تريدون غزوه لأجل ما آتاكم [منه] من الدنيا ، فحالي خلاف حالكم ، فإنه لا يرضيني إلا الدين ، .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية