الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون

                                                                                                                                                                                                                                      وإني مرسلة إليهم بهدية تقرير لرأيها بعدما زيفت آراءهم ، وأتت بالجملة الاسمية الدالة على الثبات المصدرة بحرف التحقيق للإيذان بأنها مزمعة على رأيها لا يلويها عنه صارف ولا يثنيها عاطف ، أي : وإني مرسلة إليهم رسلا بهدية عظيمة فناظرة بم يرجع المرسلون حتى أعمل بما يقتضيه الحال . روي أنها بعثت خمسمائة غلام عليهم ثياب الجواري ، وحليهن الأساور والأطواق والقرطة ، راكبي خيل مغشاة بالديباج محلاة اللجم والسروج بالذهب المرصع بالجواهر ، وخمسمائة جارية على رماك في زي الغلمان ، وألف لبنة من ذهب وفضة ، وتاجا مكللا بالدر والياقوت المرتفع والمسك والعنبر ، وحقا فيه درة عذراء ، وجزعة معوجة الثقب ، وبعثت رجلا من أشراف قومها "المنذر بن عمرو" ، وآخر ذا رأي وعقل ، وقالت : إن كان نبيا ميز بين الغلمان والجواري وثقب الدرة نقبا مستويا وسلك في الخرزة خيطا ، ثم قالت للمنذر : إن نظر إليك نظر غضبان فهو ملك فلا يهولنك [ ص: 285 ] وإن رأيته بشاص لطيفا فهو نبي . فأقبل الهدهد فأخبر سليمان عليه السلام بذلك فأمر الجن فضربوا لبن الذهب والفضة وفرشوه في ميدان بين يديه طوله سبعة فراسخ ، وجعلوا حول الميدان حائطا شرفاته من الذهب والفضة ، وأمر بأحسن الدواب في البر والبحر فربطوها عن يمين الميدان ويساره على اللبن ، وأمر بأولاد الجن وهم خلق كثير فأقيموا على اليمين واليسار ، ثم قعد على سريره والكراسي من جانبيه واصطفت الشياطين صفوفا فراسخ والإنس صفوفا فراسخ والوحش والسباع والطيور والهوام كذلك ، فلما دنا القوم ونظروا بهتوا ورأوا الدواب تروث على اللبن فتقاصرت إليهم نفوسهم ورموا بما معهم ولما وقفوا بين يديه نظر إليهم بوجه طلق وقال : ما وراءكم ؟ وقال : أين الحق ؟ وأخبره جبريل عليهما السلام بما فيه فقال لهم : إن فيه كذا وكذا ، ثم أمر بالأرضة فأخذت شعرة ونفذت في الدرة فجعل رزقها في الشجرة ، وأخذت دودة بيضاء الخيط بفيها ونفذت في الجزعة فجعل رزقها في الفواكه ، ودعا بالماء فكانت الجارية تأخذ الماء بيدها فتجعله في الأخرى ثم تضرب به وجهها ، والغلام كما يأخذه يضرب به وجهه .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية