الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان هذا منهم عمل من لا يظن أن الله عالم به ، قال تعالى محذرا أمثالهم عن أمثال ذلك : ومكروا مكرا أي : [ستروا] سترا عظيما أرادوا به الشر [بهذه المساومة على المقاسمة ، فكان مكرهم الذي اجتهدوا في ستره لدينا مكشوفا وفي حضرتنا معروفا وموصوفا ، فشعرنا بل علمنا به فأبطلناه] ومكرنا مكرا [أي : وجزيناهم على فعلهم بما لنا من العظمة شيئا] هو المكر في الحقيقة فإنه لا يعلمه أحد من الخليقة ، ولذلك قال : وهم أي : مع اعتنائهم بالفحص عن الأمور. والتحرز من عظائم المقدور لا يشعرون أي : لا يتجدد لهم شعور بما قدرناه عليهم بوجه ما ، فكيف بغيرهم ، وذلك أنا جعلنا تدميرهم في تدبيرهم، فلم يقدروا على إبطاله ، فأدخلناهم في خبر كان ، لم يفلت منهم إنسان ، وأهلكنا جميع الكفرة من قومهم في أماكنهم [ ص: 179 ] مساكنهم أو غير مساكنهم ، وأما مكرهم فكانوا على اجتهادهم في إتقانه وإحكام شأنه ، قد جوزوا فيه سلامة بعض من يقصدونه بالإهلاك ، فشتان بين المكرين ، وهيهات هيهات لما بين الأمرين ، وقد ظهر أن الآية إما احتباك أو شبيهة به : عدم الشعور دال على حذف عدم الإبطال من الثاني ، وعلى حذف الشعور والإبطال الذي هو نتيجته من الأول.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية