الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      [ ص: 576 ] في ولاء العبد النصراني يعتقه المسلم وجنايته قلت : أرأيت لو أن عبدا نصرانيا أعتقه رجل من المسلمين فجر المعتق النصراني جريرة أيعقل عنه هذا المسلم وقومه أم لا في قول مالك ؟ قال : ما سمعت من مالك فيه شيئا ، ولا أرى أن يعقل عنه قوم الذي أعتقه جريرته .

                                                                                                                                                                                      قلت فعلى من عقله ؟

                                                                                                                                                                                      قال : أراه على جميع المسلمين لأن ميراثه لجميع المسلمين ، لأن مالكا قال : ليس على النصراني إذا أعتقه المسلم جزية . قال مالك : وميراثه لجميع المسلمين إذا لم يكن له قرابة يرثونه من أهل دينه ، قال مالك : ولا أرى عليه الجزية فلم يجعله مالك من أهل الجزية ، لم يحمل عنه أهل الجزية جريرته إذا لم يكن له منهم ذمة ، ولا يجعل مالك ميراثه للذي أعتقه فتكون جريرته على سيده وإنما جريرته على جميع المسلمين لأنهم ورثته ، ولو أن رجلا قتله كان العقل على الذي قتله لجميع المسلمين يرثونه ذلك ويكون ذلك العقل على قوم القاتل إن كان من المسلمين وله عاقلة تعقل عنه ، وهذا قول مالك . ألا ترى أن مالكا وغير واحد ذكر أن يحيى بن سعيد حدثهم عن إسماعيل بن أبي حكيم أخبرهم أن عمر بن عبد العزيز أعتق عبدا له نصرانيا فتوفي قال إسماعيل : فأمرني عمر بن عبد العزيز أن آخذ ميراثه فأجعله في بيت مال المسلمين ، وإنما لم يرثه المولى الذي أعتقه لاختلاف الدينين . ألا ترى أن ابن عمر ذكر عنه يحيى بن أيوب ، عن موسى بن عقبة ، عن نافع ، عن ابن عمر أنه قال : لا يرث مسلم كافرا إلا الرجل عبده أو مكاتبه ، { ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يتوارث أهل ملتين } ولقول عمر بن الخطاب : لا نرث أهل الملل ولا يرثونا .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية