الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                  صفحة جزء
                                                                  [ ص: 220 ] - حجاج بن علاط السلمي .

                                                                  3196 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن ثابت البناني ، عن أنس بن مالك ، قال : لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر ، قال الحجاج بن علاط : يا رسول الله ، إن لي بمكة مالا ، وإن لي بها أهلا ، وإني أريد أن آتيهم ، فأنا في حل إن أنا نلت منك أو قلت شيئا . " فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول ما شاء " . قال : فأتى امرأته حين قدم ، فقال : اجمعي ما كان عندك ، فإني أريد أن أشتري من غنائم محمد وأصحابه ، فإنهم قد استبيحوا وأصيبت أموالهم . وفشا ذلك بمكة ، فانقمع المسلمون ، وأظهر المشركون فرحا وسرورا . قال : وبلغ الخبر العباس بن عبد المطلب ، فعقر وجعل لا يستطيع أن يقوم ، ثم أرسل غلاما إلى الحجاج بن علاط : ويلك ماذا جئت به ؟ وماذا تقول ؟ فما وعد الله عز وجل خير مما جئت به . قال : فقال الحجاج : اقرأ على أبي الفضل السلام ، وقل له فليخل لي في بعض بيوته لآتيه ، فإن الخبر على ما يسره . قال : فجاء غلامه ، فلما بلغ الباب قال : أبشر يا أبا الفضل . قال : فوثب العباس فرحا حتى قبل بين عينيه ، فأخبره ما قال الحجاج ، فأعتقه .

                                                                  قال : ثم جاءه الحجاج فأخبره " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد افتتح خيبر وغنم أموالهم ، وجرت سهام الله في أموالهم ، واصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية بنت حيي ، واتخذها لنفسه ، وخيرها بين أن يعتقها ويكون زوجها ، أو تلحق بأهلها ، فاختارت أن يعتقها وتكون زوجته " ، ولكني جئت لما كان لي هاهنا ، أردت أن أجمعه فأذهب به ، " فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأذن لي أن أقول ما شئت ، فأخف علي ثلاثا ، ثم اذكر ما بدا لك " . قال : فجمعت امرأته ما كان عندها من حلي أو متاع فدفعته إليه ، ثم [ ص: 221 ] انشمر به ، فلما كان بعد ثلاث أتى العباس امرأة الحجاج ، فقال : ما فعل زوجك ؟ فأخبرته أنه قد ذهب يوم كذا وكذا ، وقالت : لا يحزنك الله يا أبا الفضل ، لقد شق علينا الذي بلغك . قال : أجل ، لا يحزنني الله ، ولم يكن بحمد الله إلا ما أحببنا ، " فتح الله خيبر على رسوله صلى الله عليه وسلم ، واصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية لنفسه " ، فإن كان لك حاجة في زوجك فالحقي به . قالت : أظنك والله صادقا . قال : فإني والله صادق ، والأمر على ما أخبرتك .

                                                                  قال : ثم ذهب حتى أتى مجالس قريش ، وهم يقولون إذا مر بهم : لا يصيبك إلا خير يا أبا الفضل . قال : لم يصبني إلا خير بحمد الله ، لقد أخبرني الحجاج بن علاط " أن خيبر فتحها الله على رسوله صلى الله عليه وسلم ، وجرت سهام الله ، واصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية لنفسه " ، وقد سألني أن أخفي عنه ثلاثا ، وإنما جاء ليأخذ ماله وما كان له من شيء هاهنا ثم يذهب . فرد الله الكآبة التي كانت بالمسلمين على المشركين ، وخرج المسلمون من كان دخل بيته مكتئبا حتى أتوا العباس فأخبرهم الخبر ، فسر المسلمون ، ورد الله ما كان من كآبة أو غيظ أو حزن على المشركين
                                                                  .

                                                                  التالي السابق


                                                                  الخدمات العلمية