الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
باب من الأيمان

( قال ) رضي الله عنه : وإذا حلف الرجل على أمر لا يفعله أبدا ، ثم حلف في ذلك المجلس أو في مجلس آخر لا يفعله أبدا ، ثم فعله ، كانت عليه كفارة يمينين ; لأن اليمين عقد يباشره بمبتدأ وخبر ، وهو شرط وجزاء ، والثاني في ذلك مثل الأول فهما عقدان ، فبوجود الشرط مرة واحدة يحنث فيهما ، وهذا إذا نوى يمينا أخرى ، أو نوى التغليظ ; لأن معنى التغليظ بهذا يتحقق ، أو لم يكن له نية ; لأن المعتبر صيغة الكلام عند ذلك ، ثم الكفارات لا تندرئ بالشبهات خصوصا في كفارة اليمين فلا تتداخل ، وأما إذا نوى بالكلام الثاني اليمين الأول ، فعليه كفارة واحدة ; لأنه قصد التكرار ، والكلام الواحد قد يكرر فكان المنوي من محتملات لفظه ، وهو أمر بينه وبين ربه وروى أبو يوسف عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى قال : هذا إذا كانت يمينه بحجة أو عمرة أو صوم أو صدقة ، فأما إذا كانت يمينه بالله تعالى فلا تصح نيته ، وعليه كفارتان قال أبو يوسف رحمه الله تعالى : هذا أحسن ما سمعنا منه ، ووجهه أن قوله : فعليه حجة مذكور بصيغة الخبر ، فيحتمل أن يكون الثاني هو الأول ، فأما قوله : والله هذا إيجاب تعظيم المقسم به نفسه من غير أن يكون بصيغة الخبر ، فكان الثاني إيجابا كالأول فلا يحتمل معنى التكرار ; لأن ذلك في الإخبار دون الإيقاع والإيجاب ، وإذا كانت إحدى اليمينين بحجة ، والأخرى بالله فعليه كفارة وحجة ; لأن معنى تكرار الأول غير محتمل هنا فانعقدت يمينان [ ص: 158 ] وقد حنث فيهما بإيجاد الفعل مرة فيلزمه موجب كل واحد منهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية