الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ولما فرغ من الكلام على العدة من طلاق أو وفاة شرع في الكلام على الاستبراء فقال

[ ص: 490 ] درس ] ( فصل يجب ) ( الاستبراء ) لجارية ( بحصول الملك ) بشراء أو غيره ولو بانتزاعها من عبده لا بتزوج بشروط ثلاثة أشار لها بقوله ( إن لم توقن البراءة ) فإن تيقنت براءة رحمها أي غلب على الظن ذلك فلا استبراء كحيض مودعة عنده أو مبيعة بالخيار تحت يده ولم تخرج ولم يلج عليها سيدها حتى اشتراها ( ولم يكن وطؤها مباحا ) قبل حصول الملك وإلا فلا استبراء كمن اشترى زوجته أو وهبت له ( ولم تحرم ) عليه ( في المستقبل ) احترازا ممن اشترى محرمة أو متزوجة بغيره فلا استبراء عليه ; لأنه للوطء وهو لا يطأ ( وإن صغيرة أطاقت الوطء ) لا إن لم تطقه كبنت ثمان ( أو كبيرة لا يحملان عادة ) كبنت تسع سنين وبنت سبعين فيجب استبراء كل بثلاثة شهور كما يأتي ( أو وخشا أو بكرا أو رجعت ) لسيدها ( من غصب ) وقد غاب عليها الغاصب البالغ غيبة يمكن فيها إصابتها ولا يصدقان في نفيه فقوله بحصول الملك مراده به الاستقرار ليشمل هذه .

[ ص: 490 ]

التالي السابق


[ ص: 490 ] فصل يجب الاستبراء ) حيث علق الوجوب بالاستبراء علم أن المراد به الكشف عن حال الرحم ; لأنه هو الواجب لا المدة وقوله : بحصول الملك أي بسبب الملك الحاصل أي المتجدد واعلم أن الجارية لا تصدق في دعواها الاستبراء بحيض أو وضع حمل حتى ينظرها النساء كما في حاشية شيخنا ( قوله : بشراء إلخ ) أي فإذا اشترى جارية أو وهبت له أو تصدق بها عليه وأراد وطأها فيجب عليه استبراؤها قبل أن يستمتع بها ، وفي عج يجب الاستبراء بالشروط المذكورة سواء اشتراها للوطء أو للخدمة وهو خلاف الظاهر من عبارات الأئمة ففي الجلاب ومن اشترى أمة يوطأ مثلها فلا يطؤها حتى يستبرئها بحيضة ا هـ وفي المقدمات ما نصه : واستبراء الإماء في البيع واجب لحفظ النسب ثم قال فوجب على كل من انتقل إليه ملك أمة ببيع أو هبة ، أو بأي وجه من وجوه الملك ، ولم يعلم براءة رحمها أنه لا يطؤها حتى يستبرئها رفيعة كانت أو وضيعة ا هـ وفي التنبيهات ما نصه : الاستبراء لتمييز ماء المشتري من ماء البائع ثم قال فيمن لا تتواضع وهي التي لم يقر البائع بوطئها والحال أنها من وخش الرقيق فهذه لا مواضعة فيها ولا استبراء إلا أن يريد المشتري الوطء فواجب عليه أن يستبرئ لنفسه مما لعلها أحدثته ا هـ وفي المعونة ما نصه من وطئ أمة ثم أراد بيعها فعليه أن يستبرئها قبل البيع ، وعلى المشتري أن يستبرئها قبل أن يطأها ا هـ فتحصل أنه لا يستبرئ المشتري إلا إذا أراد الوطء ، والبائع لا يستبرئ إلا إذا وطئ ، وكذلك سوء الظن لا يستبرئ المالك لأجله إلا إذا أراد الوطء أو التزويج كما يأتي ا هـ بن .

( قوله لا بتزوج ) أي فمن تزوج أمة لا يجب عليه استبراؤها ( قوله تحت يده ) أي وكانت تحت يده مدة الخيار ( قوله : ولم يلج عليها سيدها ) أي لم يدخل عليها أي لم يختل بها ( قوله حتى اشتراها ) أي كشراء بائعها قبل غيبة المشتري لها عليه فإذا باعها سيدها لإنسان ثم اشتراها منه بالحضرة قبل أن يختلي بها فلا استبراء عليه ( قوله : ولم يكن وطؤها مباحا ) أي في نفس الأمر احترازا عما لو كشف الغيب أن وطأها حرام كمن كان يطأ أمته ثم استحقت فاشتراها من مستحقها فلا يطؤها حتى يستبرئها ; لأن الوطء الأول ، وإن كان مباحا في الظاهر إلا أنه فاسد في نفس الأمر ( قوله : وإن صغيرة ) أي هذا إذا كانت الأمة التي حصل ملكها كبيرة يمكن حملها بل وإن صغيرة أطاقت الوطء أو كبيرة لا يحملان عادة فمصب المبالغة ، قوله : لا يحملان عادة لا قوله أطاقت الوطء ; لأنه يصير التقدير هذا إذا لم تطق الوطء بل وإن أطاقته وهذا فاسد ; لأنه لا استبراء إن لم تطق كما يأتي ( قوله : كبنت ثمان ) هذا مثال لما لا تطيق الوطء وقد نص المتيطي عليه والحق أن هذا يختلف باختلاف البلدان ( قوله : كبنت تسع سنين ) مثال للصغيرة التي تطيق الوطء ، ولا تحمل عادة .

( قوله : فيجب استبراء كل إلخ ) لا يقال إن التي لا يمكن حملها عادة قد تيقنت براءتها وقد تقدم أن شرط وجوب الاستبراء أن لا توقن البراءة ; لأنا نقول : الشرط عدم تيقن البراءة من الوطء لا من الحمل فمتى لم تتيقن براءتها من الوطء وجب الاستبراء تيقن براءة رحمها من الحمل أم لا ( قوله : أو وخشا ) عطف على صغيرة فهو داخل في حيز المبالغة أي هذا إذا كانت عليه بل وإن كانت وخشا هذا إذا كانت ثيبا بل وإن كانت بكرا والوخش بسكون الخاء الحقير من كل شيء ويطلق الوخش أيضا على الرذل من الناس ( قوله : أو بكرا ) أي لاحتمال إصابتها خارج الفرج ، وحملها مع بقاء البكارة ( قوله : أو رجعت لسيدها ) أي أو لزوجها إن كانت متزوجة ، وقوله : من غصب إلخ اعلم أن نفقتها في حال استبرائها على سيدها لا على الغاصب ، ولو حملت لعدم لحوق الولد به ، وقد قالوا : إن المدار في كون النفقة على الواطئ لا على كون الولد لاحقا به كما أن المدار في المسكن على كونها محبوسة بسببه ا هـ بن ( قوله فقوله : بحصول الملك مراده به الاستقرار ) أي إن المراد بحصول الملك الاستقرار تحت يد المالك لأجل أن يشمل هذه أي الراجعة [ ص: 491 ] من غصب وكذا ما بعدها ، وهي الراجعة من سبي ، وقد يقال : لا داعي لذلك بل مراد المصنف بقوله بحصول الملك أي على جهة الإنشاء ، أو التمام فينطبق حينئذ على الراجعة من غصب أو سبي ; لأن الملك فيهما ، وإن لم ينتقل على المذهب من أن دار الحرب لا تملك إلا أنه حصل فيه خلل بعدم التصرف ، فإذا رجعت من الغاصب أو السابي فقد تم الملك




الخدمات العلمية