الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب

                                                                                                                                                                                                                                      تولج الليل في النهار أي: تدخله فيه بتعقيبه إياه أو بنقص الأول وزيادة الثاني. وتولج النهار في الليل على أحد الوجهين.

                                                                                                                                                                                                                                      وتخرج الحي من الميت أي: تنشئ الحيوانات من موادها أو من النطفة، وقيل: تخرج المؤمن من الكافر. وتخرج الميت من الحي أي: تخرج النطفة من الحيوان، وقيل: تخرج الكافر من المؤمن. وترزق من تشاء بغير حساب قال أبو العباس المقري: ورد لفظ الحساب في القرآن على ثلاثة أوجه، بمعنى التعب: قال تعالى: وترزق من تشاء بغير حساب و بمعنى العدد، قال تعالى: إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب وبمعنى المطالبة: قال تعالى: فامنن أو أمسك بغير حساب و "الباء" متعلقة بمحذوف وقع حالا من فاعل "ترزق" أو من مفعوله، وفيه دلالة على أن من قدر على أمثال هاتيك الأفاعيل العظام المحيرة للعقول والأفهام، فقدرته على أن ينزع الملك من العجم ويذلهم ويؤتيه العرب ويعزهم أهون من كل هين. عن علي رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن فاتحة الكتاب وآية الكرسي وآيتين من آل عمران شهد الله أنه لا إله إلا هو إلى قوله تعالى: إن الدين عند الله الإسلام و( قل اللهم مالك الملك إلى قوله: بغير حساب معلقات ما بينهن وبين الله تعالى حجاب، قلن: يا رب تهبطنا إلى أرضك وإلى من يعصيك، قال الله تعالى: إني حلفت أنه لا يقرؤكن أحد دبر كل صلاة إلا جعلت الجنة مثواه على ما كان منه وأسكنته في حظيرة القدس ونظرت إليه بعيني كل يوم سبعين مرة وقضيت له سبعين حاجة أدناها المغفرة وأعذته من كل عدو وحاسد ونصرته عليهم"، وفي بعض الكتب: "أنا الله ملك الملوك قلوب الملوك ونواصيهم بيدي فإن العباد أطاعوني جعلتهم لهم رحمة وإن العباد عصوني جعلتهم عليهم عقوبة فلا [ ص: 23 ] تشتغلوا بسب الملوك ولكن توبوا إلي أعطفهم عليكم"، وهو معنى قوله عليه السلام: "كما تكونوا يول عليكم".

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية