قال المصنف رحمه الله تعالى : ( لما روي أنه : { ويستحب لأقرباء الميت وجيرانه أن يصلحوا لأهل الميت طعاما رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم : اصنعوا لآل جعفر طعاما ، فإنه قد جاءهم أمر يشغلهم عنه جعفر بن أبي طالب } ) . لما قتل
- المسألة الأولى مسح رأس اليتيم ودهنه وإكرامه
- المسألة الثانية خفض الصوت في السير بالجنازة ومعها
- المسألة الثالثة موت الفجاءة
- المسألة الرابعة تحسين الكفن
- المسألة الخامسة الطاعون إذا سمعتم به بأرض
- المسألة السادسة للمريض أن يتعاهد نفسه بتقليم أظفاره
- المسألة السابعة سؤال القبر
- المسألة الثامنة التعوذ من عذاب القبر
- المسألة التاسعة الصدقة عن الميت
- المسألة العاشرة فتنة القبر
- المسألة الحادية عشرة في موت الأطفال
التالي
السابق
( الشرح ) الحديث المذكور رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وغيرهم من رواية والبيهقي ، قال عبد الله بن جعفر الترمذي حديث حسن ، ورواه أحمد بن حنبل أيضا من رواية وابن ماجه ( وقوله ) صلى الله عليه وسلم يشغلهم - بفتخ الياء وحكي ضمها وهو شاذ ضعيف ، وقد وقع في المهذب يشغلهم عنه ، والذي في كتب الحديث يشغله بحذف ( عنه ) ، وكان قتل أسماء بنت عميس جعفر رضي الله عنه في جمادى الآخرة سنة ثمان من الهجرة [ ص: 290 ] في غزوة مؤتة ، وهي موضع معروف بالشام عند الكرك ، واتفقت نصوص في الأم والمختصر والأصحاب على أنه يستحب الشافعي ، ويكون بحيث يشبعهم في يومهم وليلتهم . قال لأقرباء الميت وجيرانه أن يعملوا طعاما لأهل الميت في المختصر : وأحب لقرابة الميت وجيرانه أن يعملوا لأهل الميت في يومهم وليلتهم طعاما يشبعهم ، فإنه سنة ، وفعل أهل الخير ، قال أصحابنا : ويلح عليهم في الأكل ولو كان الميت في بلد آخر يستحب لجيران أهله أن يعملوا لهم طعاما ، ولو قال الشافعي المصنف : ويستحب لأقرباء الميت وجيران أهله لكان أحسن لدخول هذه الصورة . قال أصحابنا رحمهم الله : ولو كان النساء ينحن لم يجز اتخاذ طعام لهن ، لأنه إعانة على المعصية . قال صاحب الشامل وغيره : وأما فلم ينقل فيه شيء ، وهو بدعة غير مستحبة . هذا كلام صاحب الشامل . ويستدل لهذا بحديث إصلاح أهل الميت طعاما وجمع الناس عليه رضي الله عنه قال : " كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة " رواه جرير بن عبد الله أحمد بن حنبل بإسناد صحيح . وليس في رواية وابن ماجه : بعد دفنه . ابن ماجه
( وأما ) فمذموم لحديث الذبح والعقر عند القبر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أنس } رواه لا عقر في الإسلام أبو داود والترمذي ، وقال : حسن صحيح ، وفي رواية أبي داود : قال : كانوا يعقرون عند القبر بقرة أو شاة . عبد الرزاق
فرع : في مسائل تتعلق بكتاب الجنائز : ( إحداها ) : قال في الأم وأصحابنا : يستحب الشافعي ، ولا يقهر ولا ينهر . مسح رأس اليتيم ودهنه وإكرامه
( الثانية ) المستحب ، فلا يشتغلوا بشيء غير الفكر فيما هي لاقية وصائرة إليه ، وفي حاصل الحياة وأن هذا آخرها ولا بد منه وقد أفرد خفض الصوت في السير بالجنازة ومعها في الإشراف ابن المنذر في السنن الكبيرة بابا في هذه المسألة قال والبيهقي روينا عن ابن المنذر : قيس بن عباد ، [ ص: 291 ] بضم العين وتخفيف الباء ، قال { } قال : وذكر كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرهون رفع الصوت عند ثلاث : عند القتال ، وعند الجنائز ، وعند الذكر الحسن البصري عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم " أنهم يستحبون خفض الصوت عند الجنائز وعند قراءة القرآن ، وعند القتال " قال : وكره الحسن وسعيد بن جبير والنخعي وإسحاق قول القائل خلف الجنازة : استغفروا الله له ، وقال : هي محدثة وبه قاله عطاء الأوزاعي قال : ونحن نكره من ذلك ما كرهوا . ابن المنذر
( الثالثة ) عن عبيد بن خالد الصحابي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { أخذة أسف موت الفجاءة } وروي مرفوعا هكذا وموقوفا على عبيد الله بن خالد رواه أبو داود هكذا بالوجهين بإسناد صحيح ، قال رحمه الله في تفسير هذا الحديث : الأسف الغضبان ومنه قوله تعالى { الخطابي : فلما آسفونا } وذكر المدائني أن إبراهيم الخليل وجماعة من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ماتوا فجأة ، قال : وهو موت الصالحين وهو تخفيف على المؤمن ويحتمل أن يقال : إنه لطف ورفق بأهل الاستعداد للموت المتيقظين ، وأما غيرهم ممن له تعلقات يحتاج إلى الإيصاء والتوبة واستحلال من بينه وبينه معاملة أو مصاحبة ونحو ذلك فالفجأة في حقه أخذة أسف وروى عن البيهقي ابن مسعود رضي الله عنهما قالا في موت الفجأة هو راحة للمؤمن وأخذة أسف للفاجر ورواه مرفوعا من رواية وعائشة رضي الله عنها . عائشة
( الرابعة ) عن أن أبي سلمة بن عبد الرحمن رضي الله عنه لما حضره الموت دعا بثياب جدد فلبسها ثم قال : " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { أبا سعيد الخدري } رواه الميت يبعث في ثيابه التي يموت فيها أبو داود بإسناد صحيح إلا رجلا مختلفا في توثيقه ، وقد روى له في صحيحه قال البخاري : هو صحيح قال الحاكم رحمه الله : استعمل الخطابي رضي الله عنه الحديث على ظاهره ، قال : وقد روي في أبو سعيد الخدري أحاديث قال : وتأوله بعض العلماء على أن المراد بالثياب العمل فيبعث [ ص: 292 ] على ما مات عليه من عمل صالح أو سيئ تحسين الكفن ، والعرب تقول فلان : طاهر الثياب إذا وصفوه بطهارة النفس والبراءة من العيوب ، وبدنس الثياب إذا كان بخلاف ذلك قال : واستدل هذا القائل بقوله صلى الله عليه وسلم { } فدل على أنه ليس المراد الثياب التي هي الكفن قال وتأوله بعضهم على أن البعث غير الحشر فيجوز أن يكون البعث مع الثياب والحشر مع العري والحفاء . يحشر الناس حفاة عراة
( الخامسة ) ثبت في الصحيحين عن رضي الله عنه قال : سمعت { عبد الرحمن بن عوف فلا تقدموا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه الطاعون : إذا سمعتم به بأرض } . رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في
( السادسة ) واستدلوا له بحديث يستحب للمريض أن يتعاهد نفسه بتقليم أظفاره وأخذ شعر شاربه وإبطه وعانته ، بضم الخاء المعجمة ; رضي الله عنه " أنه لما أرادت كفار قريش قتله استعار موسى يستحد بها " رواه خبيب بن عدي رحمه الله . البخاري
( السابعة ) عن رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { البراء بن عازب أتى ثم شهد أن لا إله إلا الله وأن إذا قعد المؤمن في قبره محمدا رسول الله ، فذلك قوله : { يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة } } رواه البخاري رحمهما الله وفي رواية ومسلم عن { لمسلم يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت } قال : نزلت في عذاب القبر } وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال { رضي الله عنه قال : " قال نبي الله صلى الله عليه وسلم : { أنس إنه ليسمع قرع نعالهم إذا انصرفوا ، فيأتيه ملكان فيقعدانه فيقولان له : ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ فأما المؤمن فيقول : أشهد أنه عبد الله ورسوله ، فيقال له : انظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله به مقعدا في الجنة فيراهما جميعا قال العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه : وذكر لنا أنه يفسح له في قبره سبعون ذراعا ويملى عليه خضرا إلى يوم يبعثون ، وأما المنافق أو الكافر فيقول : لا أدري كنت أقول ما يقول الناس فيه ، فيقال : لا دريت ولا تليت ، ثم يضرب بمطرقة من [ ص: 293 ] حديد ضربة بين أذنيه ، فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلا الثقلين قتادة } رواه إن البخاري . وعن ومسلم رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { أبي هريرة محمدا عبده ورسوله ، فيقولان : قد كنا نعلم أنك تقول هذا ، فيفسح له في قبره سبعين في سبعين ثم ينور له فيه ، وذكر نحو ما سبق فيه وفي المنافق } رواه إذا قبر الميت - أو قال أحدكم - أتاه ملكان أسودان أزرقان يقال لأحدهما المنكر وللآخر النكير فيقولان : ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ فيقول ما كان يقول : هو عبد الله ورسوله ، أشهد أن لا إله إلا الله وأن الترمذي وقال : حديث حسن وعن رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { ابن عمر } رواه إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي ، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة ، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار ، يقال : هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة أحمد بن حنبل والنسائي والترمذي وغيرهم وقال الترمذي : حديث حسن صحيح .
( الثامنة ) : ثبتت الأحاديث الصحيحة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم { } وفي الصحيحين عن كان يتعوذ من عذاب القبر وأنه أمر بالتعوذ رضي الله عنها قالت : { عائشة تعوذ من عذاب القبر } وقد سبق بيان جملة من هذا في الدعاء في آخر الصلاة قبل السلام ، ومذهب أهل الحق إثبات عذاب القبر للكفار ولمن شاء الله من العصاة ، وشبهوه بالنائم الذي تراه ساكنا غير حاس بشيء ; وهو في نعيم ، أو عذاب ونكد . وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد صلى صلاة إلا } رواه : لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر . وعن مسلم رضي الله عنه قال { أبي أيوب } رواه : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما غربت الشمس فسمع صوتا فقال : يهود تعذب في قبورها البخاري . ومسلم
( التاسعة ) { رضي الله عنها أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم : إن أمي افتلتت نفسها وأراها لو تكلمت تصدقت أفينفعها إن تصدقت [ ص: 294 ] عنها ؟ قال : نعم عائشة } رواه عن البخاري . والأحاديث بهذا المعنى كثيرة في الصحيح مشهورة وأجمع المسلمون على أن ومسلم تنفعه وتصله ، وسنبسط الكلام فيها إن شاء الله تعالى في آخر كتاب الوصية ، حيث ذكر الصدقة عن الميت المصنف والأصحاب المسألة ، وإنما قصدت التنبيه هنا على أصل المسألة . والشافعي
( العاشرة ) : عن رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { عبد الله بن عمرو بن العاص فتنة القبر } رواه ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله الترمذي وضعفه .
( الحادية عشرة في موت الأطفال ) عن رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { أنس } رواه ما من الناس مسلم يموت له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم البخاري . وعن ومسلم رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " { أبي هريرة } رواه لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد فتمسه النار إلا تحلة القسم البخاري . وتحلة القسم قوله عز وجل { ومسلم وإن منكم إلا واردها } والمختار أن المراد به المرور على الصراط . وعن رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للنساء { أبي سعيد الخدري } رواه ما منكن من امرأة تقدم ثلاثة من الولد إلا كانوا لها حجابا من النار . فقالت امرأة : واثنين ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : واثنين البخاري وعن ومسلم رضي الله عنه قال { أبي هريرة } فرواه : أتت امرأة النبي صلى الله عليه وسلم بصبي لها فقالت : يا رسول الله ادع الله له فلقد دفنت ثلاثة . فقال : دفنت ثلاثة ؟ قالت : نعم . قال : لقد احتظرت بحظار شديد من النار وعن مسلم أبي حسان قال : " قلت مات لي ابنان فما أنت محدثي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تطيب أنفسنا عن موتانا ؟ قال : قال : نعم { لأبي هريرة } رواه صغارها دعاميص الجنة يتلقى أحدهم أباه - أو قال : أبوه - فيأخذ بثوبه - أو قال بيده - فلا يتناهى - أو قال ينتهي حتى يدخله الله وأباه الجنة . قال أهل الغريب : الدعاميص جمع [ ص: 295 ] دعموص كبرغوث وبراغيث ، قالوا : وهو الدخال في الأمور . ومعناه أنهم سياحون في الجنة دخالون في منازلهم لا يمنعون من موضع منها . كما أن الصبيان في الدنيا لا يمنعون الدخول على الحرم . وجاءت في الباب أحاديث كثيرة غير ما ذكرته ، ومنها أن موت الواحد من الأولاد حجاب من النار وكذا السقط . والله أعلم بالصواب وله الحمد والنعمة وبه التوفيق والعصمة . مسلم